مضى زهاء عام تقريباً منذ أن سحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في عام 2015. وربما يعتقد المرء أن أنصار الانسحاب من الاتفاق يشعرون بأنهم كانوا على حق. فرغم إعادة فرض العقوبات على بنوكها وصادراتها النفطية، إلا أنها لا تزال تسيء التصرف في أرجاء المنطقة، بالعبثية ذاتها التي كانت تتصرف بها قبل عام مضى، والآن بأقل من نصف إيرادات النفط.
ورغم ذلك، يساور «الصقور» في الإدارة الأميركية والكونجرس القلقُ من أن يتم السماح للاتفاق بالنجاة بعد انسحاب الولايات المتحدة. ومن ثم يشنّون معركة شديدة ضد وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو» ومبعوثه الخاص لإيران «بريان هوك». والهدف هو إجبار وزارة الخارجية على إنهاء إعفاءات صادرات النفط الممنوحة لكل من الصين والهند وإيطاليا واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا. وهذه الإعفاءات، الممنوحة منذ الخريف الماضي والتي يفترض انتهاء صلاحيتها في الثاني من مايو المقبل، تسمح لهذه الدول بمواصلة شراء النفط الإيراني.
ونشرت دورية «ذي أتلاتنتيك» تقريراً مطولاً يسلط الضوء على الخلاف الداخلي. ومن أوجه شتى، لا ينبغي أن يكون هناك أي خلاف على الإطلاق: فالسياسة الرسمية لوزارة الخارجية الأميركية، كما أكد عليها «بومبيو» نفسه، هي الوصول بصادرات إيران النفطية إلى الصفر.
فلماذا الخلاف إذن؟
تتمحور المسألة حول ما إذا كان سيوجد فائض كافٍ من النفط لإرساء الاستقرار في الأسواق إذا ما تراجعت صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر. ففي حين ألقى ترامب بالاتفاق النووي في سلة المهملات، فإنه أقرّ أيضاً بأنه لا يرغب في ارتفاع أسعار النفط الخام. لذا، يحاول كل من «هوك» و«بومبيو» اتباع إرشادات سياسة ترامب، وتقليص صادرات إيران النفطية إلى الصفر دون زعزعة استقرار السوق.
ورغم ذلك، يقول «صقور» الإدارة إن هناك كثيراً من الدول المنتجة للنفط راغبة في زيادة الإنتاج لتعويض أي نقص ناتج عن خروج إيران من السوق. وقد كشف زملائي في بلومبيرج أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تقدر أن إمدادات خام النفط العالمية ستتجاوز الطلب بما يزيد على 180 ألف برميل يومياً.
وفي حين أن النقاش تقني، فإن قضية استمرار النظام الإيراني مسألة وجودية، خصوصاً للخصوم الأصليين للاتفاق، مثل مستشار الأمن القومي «جون بولتون». وأخبرني مسؤول في الإدارة الأميركية أن الموعد النهائي في الثاني من مايو هو آخر فرصة واقعية أمام الإدارة لإنهاء إعفاءات النفط؛ لأن الموعد التالي سيكون الثاني من فبراير، وهو قريب جداً من الانتخابات، وسيجعل ذلك ترامب عازفاً عن اعتماد أي تدابير يُحتمل أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. وفي هذه المرحلة، ستكون لدى إيران إيرادات نفطية كافية لانتظار خروج ترامب من الإدارة، والأمل في أن يفوز مرشح ديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2020.
غير أن ذلك يمكن أن يكون معقداً، لأن كثيراً من الديمقراطيين الذين أيّدوا الاتفاق النووي بداية في عام 2015 أدركوا أخطاءه بحلول عام 2017، خصوصاً افتقاره إلى أي حظر للاختبارات الصاروخية، وبنود الإنهاء التي ترفع القيود على تخصيب اليورانيوم بحلول عام 2030.

كاتب أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»