جاء توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 25 مارس على مرسوم ينص على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل موعد الانتخابات المقررة في التاسع من أبريل الجاري. ففي أعقاب توقيع «ترامب» على المرسوم ارتفعت شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت يواجه فيه نتنياهو منافسة شرسة في الانتخابات الإسرائيلية بعدما كان ينافس على المركز الثاني في الانتخابات. واعتبر خصوم رئيس الوزراء الإسرائيلي الخطوة الإسرائيلية دعما لنتنياهو في الانتخابات المقبلة. وبذلك يكون الرئيس الأميركي قد قد حقق لنتنياهو عدداً من الأمنيات الكبرى، فبعد إعلان ترامب عبر تغريدة له على «تويتر» في 22 مارس أن الوقت قد حان للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، سارع نتنياهو بشكر الرئيس الأميركي قائلاً: «ترامب صنع تاريخاً لتوه، لقد فعلها مرة أخرى. أولاً اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، ثم انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، والآن فعل شيئاً ذا أهمية تاريخية باعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان».
واعتبر محللون أن التوقيت السياسي لإعلان ترامب قد حقق هدفين رئيسين، أولا: دعم نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، وثانيا: تحقيق أهداف ترامب الانتخابية الساعية لتقديم كل ما يلزم للوبي الإسرائيلي والحصول على دعم الإنجيليين الأميركيين، وهم قاعدة انتخابية رئيسة للزعيم «الجمهوري»، الذي يرغب في الترشح لفترة ثانية في الانتخابات الأميركية القادمة عام 2020 من ناحية، ومن ناحية أخرى اعتبر تحرك ترامب محاولة للتخلص من قضية شائكة بخصوص خطته للسلام في الشرق الأوسط. وعلى الفور أثيرت تساؤلات عدة حول الخطوة التالية من الإدارة الأميركية فهل تكون الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية؟ وماهو مصير خطة السلام في الشرق الأوسط خاصة أن الوثيقة الأميركية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة، أثارت موجة من الاحتجاجات في العالم وأكدت هذه الوثيقة الدعم المطلق من ترامب لإسرائيل، خاصة وأنه سبق أن اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة عزف عنها جميع الرؤساء الأميركيين ممن سبقوه.
وكانت إسرائيل قد احتلت مرتفعات الجولان خلال حرب يونيو 1967، إلى جانب احتلالها لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وفي عام 1981، وبعد 14 عاما سنّ البرلمان الإسرائيلي قانوناً يقضي بوجود الجولان تحت سيادة الدولة العبرية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيجن ضم إسرائيل رسميا للجولان. وفي 17 ديسمبر 1981، تبنى مجلس الأمن الأممي قراراً يصف القانون الإسرائيلي بأنه لاغ. حيث لم تعترف بعملية الضم تلك أي دولة في العالم، ولا حتى الولايات المتحدة، قبل ترامب.
الإعلان الأميركي حول السيادة الإسرائيلية على الجولان «يدعم بلا شك نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية حيث أظهرت استطلاعات الرأي احتدام المنافسة بين نتنياهو والحزب الجديد بزعامة الجنرال السابق بني غانتز بعد أن أعلن خصما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غانتز ورئيس حزب (يوجد مستقبل) يائير لابيد عن تشكيل تحالف بهدف إلحاق الهزيمة به في الانتخابات القادمة وأعلنا في بيان مشترك أن هذه الخطوة تأتي «انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية العميقة». وأطلق على الحزب الجديد اسم الأبيض والأزرق إشارة إلى لوني العلم الإسرائيلي، ويضم جنرالات، الجنرال غانتز ووزير الدفاع السابق موشي يعالون ورئيس الأركان السابق غابي أشكينازي، وهي شخصيات تشكل عامل جذب في المجتمع الإسرائيلي الذي ينظر إلى الجيش على أنه صمام الأمان. فيما يواجه فيه نتنياهو اتهامات محتملة في ثلاث قضايا فساد، حيث أعلن المدعي العام الإسرائيلي في فبراير أنه يعتزم توجيه اتهامات لنتنياهو بالرشا والاحتيال بعد الانتخابات.
لقد ضرب ترامب بقراره بالقانون الدولي عرض الحائط في وقت تواجه إدارته تحقيقات واتهامات بالسماح لروسيا بالتدخل أو التأثير في الانتخابات الأميركية فإنه تدخل بشكل صارخ في التأثير في الانتخابات الإسرائيلية ولاشك تشكل خطوة ترامب تهديداً بالمزيد من زعزعة استقرار المنطقة بتشجيع خطاب التطرف وبتغذية الأسباب الملائمة والأسوأ من ذلك أن الموافقة على ضم الأرض يمكن أن يشجع اليمين الإسرائيلي على تحويل حلمهم بضم الضفة الغربية إلى واقع مما قد يتسبب في اندلاع حرب جديدة.
*كاتبة إماراتية