تنطوي إشادة القادة العرب في البيان الختامي للقمة العربية الثلاثين بتونس، يوم الأحد الماضي، بمبادرة الإمارات بتأسيس «المجموعة العربية للتعاون الفضائي»، وتثمين دورها وإسهاماتها في تطوير التعاون العربي في مجال علوم الفضاء واستخداماته لصالح تقدم الدول العربية، على دلالة مهمة، وهي تحوّل الإمارات إلى مصدر إلهام للعرب، فمبادراتها الرائدة في المجالات المختلفة باتت باعثاً للأمل ومحفزاً على الانخراط في مسيرة التقدم الحضاري والإنساني. حينما أعلنت الإمارات عام 2014 بدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل إلى الكوكب الأحمر في عام 2021، وهو العام الذي يصادف الذكرى الخمسين لقيام دولة الاتحاد، فإنما كانت تضع في اعتبارها أن انخراطها في مجال الفضاء سيفتح آفاقاً رحبة أمام الدول العربية لاستكشاف الفضاء والمشاركة الفاعلة في هذا المجال الحيوي الدقيق. ولا شك في أن تدشين «المجموعة العربية للتعاون الفضائي» في أبوظبي بمبادرة من الإمارات وبمشاركة 11 دولة عربية مؤخراً، يأتي في هذا السياق، ويعد خطوة مهمة نحو بناء شراكات عربية في مجال علوم الفضاء والعمل بشكل جماعي من أجل اللحاق بركب الدول المتقدمة في هذا المجال، وخاصة أن هذه المبادرة النوعية تسعى إلى إطلاق منظومة تجمع المقدرات التقنية والمؤهلات والكوادر العلمية لتعمل على مشاريع متقدمة تعزز مساعي المجتمع العلمي العالمي نحو استكشاف الفضاء الخارجي.
لقد استطاعت دولة الإمارات أن تحقق نهضة شاملة وتصبح رمزاً لتجربة تنموية رائدة يُشار إليها بالبنان ليس فقط على المستوى العربي وإنما على المستويين الإقليمي والدولي أيضاً، وها هي الآن تمثل مصدر إلهام للعرب للمضي قدماً على الطريق نفسه الذي سلكته، وتفتح أبوابها لأشقائها العرب للاستفادة من خبراتها والتعرف على ملامح تجربتها من أجل أن تعم التنميةُ والخيرُ والاستقرارُ المنطقةَ العربيةَ كلَّها وتتوارى أسبابُ الصراع والخلاف والتطرف. لقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، خلال السنوات القليلة الماضية العديد من المبادرات الملهمة للعرب في العديد من المجالات، لعل أبرزها مبادرة «صناع الأمل»، التي تسعى إلى صناعة الأمل وتعزيز ثقافة التفاؤل والإيجابية، في مواجهة حالة الإحباط والتشاؤم واليأس التي تنتشر لدى بعض القطاعات في عالمنا العربي، من خلال تسليط الضوء على الإسهامات الاستثنائية التي يقوم بها أناس عاديون لخدمة مجتمعهم، واستكشاف الآلاف من قصص الأمل الملهمة في العالم العربي، وإلقاء الضوء على صنّاعها، ورصد جهودهم والاحتفاء بها. وكذلك مبادرة «تحدي القراءة العربي» التي أطلقها سموه، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة خمسين مليون كتاب خلال عام دراسي، والتي تستهدف بالأساس ترسيخ ثقافة القراءة والاطلاع في العالم العربي، كخطوة ضرورية للخروج من حالة التراجع الحضاري التي تعيشها. كما أطلق سموه منصة «مدرسة» التي تعد المنصة الإلكترونية التعليمية الأكبر من نوعها على مستوى العالم العربي، وتهدف إلى تطوير محتوى تعليمي متميز باللغة العربية، ترجمةً عن أرقى المناهج والمساقات التعليمية في العالم، بحيث تتم إتاحته مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي في أي مكان من العالم. وهذه النوعية من المبادرات تؤكد في جوهرها التزام الإمارات بدعم جهود التنمية في الدول العربية الشقيقة، ومساعدتها على مواكبة مسيرة التقدم من خلال الانخراط في مجالات المعرفة المختلفة، ولهذا تظل مصدر إلهام متجدد للشعوب العربية التي تتطلع نحو التنمية والرخاء والازدهار.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية