بعد أربعة أيام أي في التاسع من أبريل الجاري، يتجه الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع ليقرروا من يحكم إسرائيل للسنوات الأربع التالية. إن المشهد المتبلور حتى الآن يفيد ما يلي:
1- من حيث القوى الرئيسية المتنافسة: نجد أن الخصمين الكبيرين المتنافسين هما «ليكود» بقيادة نتنياهو وتحالف «أزرق أبيض» (كاحول لافان) بقيادة الجنرال جانتس رئيس هيئة الأركان الأسبق بعد توارى «حزب العمل» مؤسس الدولة العبرية.
2- من حيث الموقف من السلام وحل الدولتين: نجد أن توصيف ليكود ثابت عند جميع المراقبين كزعيم لمعسكر اليمين الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية، لكنى ألمح إمكانية لأن يقبل ليكود إقامة دولة فلسطينية طبقاً لما قاله نتنياهو في خطاب جامعة بار إيلان عام 2009 بعدة شروط أعلنها، وهي أن تكون منزوعة السلاح وأن تعترف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وأن تتولى إسرائيل المسؤولية عن قضايا الأمن، وأن تحتفظ بغور الأردن ليكون الحد الشرقي الأمني لها!
ومما يعزز ذلك الاحتمال بعض المعلومات التي أذاعها نفتالي بينت وزير التعليم الحالي وزعيم حزب اليمين الجديد مؤخراً. قال بينت وهو يحذر جماهير اليمين إن نتنياهو قد اتفق مع الرئيس الأميركي ترامب على إقامةً دولة فلسطينية على 90? من مساحة الضفة في إطار صفقة القرن وإنهما قررا عدم الإعلان عنها إلا بعد الانتخابات لعدم تعريض نتنياهو لمشكلة مع ناخبيه. وتوقع بينت أن يقدم نتنياهو على ضم تحالف جانتس إلى حكومته الائتلافية واستبعاد أحزاب اليمين الصغيرة ليمكنه تنفيذ اتفاقه مع ترامب.
3- إن توصيف تحالف أزرق أبيض يتأرجح عند المراقبين والسياسيين الإسرائيليين، ذلك أن اليساريين في حزب ميرتس وحزب العمل يتهمانه بأنه حزب يميني لأنه لا يعلن صراحة عن قبول دولة فلسطينية، ولأنه يضم في قمته وزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون الذي يرفض صراحة إقامة هذه الدولة، هذا في حين يتهمه معسكر اليمين بأنه تحالف يساري لأن يائير لابيد المشارك فيه مستعد لقبول تسوية تؤدي إلى دولتين متجاورتين ولأن زعيمه بيني جانتس وافق عندما كان رئيساً للأركان على إعداد خطة أمنية تترجم اتفاقية سلام سياسية تتضمن إقامة دولة فلسطينية طبقاً لاقتراح أميركي في عهد الرئيس الأميركي أوباما.
لكن يبدو أن تحالف أزرق أبيض قد صاغ برنامجه الانتخابي بغموض متعمد بحيث يشير إلى اهتمامه بـ«الانفصال عن الفلسطينيين» في الضفة على حد تعبيره، كما يشير إلى اهتمامه بعقد مؤتمر سلام إقليمي مع الدول العربية المعتدلة ليميز نفسه عن معسكر اليمين وليرسل إشارات إلى أنه مستعد لقبول مطالب مبادرة السلام العربية في نهاية المطاف ليحظي بعلاقات سلم مع العالم العربي هذا من ناحية. أما من الناحية الأخرى فهو يتجنب ذكر الدولة الفلسطينية تماماً كما يفعل ليكود ليمكنه جذب بعض أصوات جماهير اليمين. ويُفهم من تصريحات جانتس أنه يميز بين ما يجب قوله في مرحلة الانتخابات والبحث عن الفوز وبين ما يمكن قوله بعد الفوز واستلام مقاليد الحكم.
وربما يرسل الرئيس الأميركي إشارات بعد الانتخابات تفيد بأنه يفضل حكومة تضم ليكود وتحالف أزرق وأبيض، ليكون في مقدورهما الاستجابة للتعديلات التي يقال إنه تم إدخالها علي صفقة القرن، بعيداً عن أحزاب اليمين الصغيرة المتطرفة.