إسرائيل تقف اليوم على هضبة الجولان، بانتظار القرار الأميركي الفاصل بين مرحلة من الصراع العربي الإسرائيلي قد عفا عليه الدهر، ومرحلة جديدة من الصراع بدأت ملامحها تتضح مع تولي ترامب زمام الحكم في أميركا. فيما العرب في قمة تونس يريدون أن يضربوا حصاراً من نوع خاص على إسرائيل يشرحه لنا المتحدث باسم القمة العربية:
- التزام واضح من الدول العربية بخيار السلام للقضية الفلسطينية.
- الدول العربية ستحاصر إسرائيل بالقانون الدولي.
إذاً العرب في هذه المرحلة الجديدة لديهم استراتيجية مختلفة عن سالف العقود الماضية على الصراع مع إسرائيل تسمى «حصار» إسرائيل بالقانون الدولي.
تأسيس إسرائيل كان عبر «وعد بلفور» وهذا الوعد ليس له ارتباط بأي قانون فضلاً عن القانون الدولي، منذ ذلك الوقت وإسرائيل تتعامل مع العالم وفقاً لقانونها الخاص.
فإذا كان المقصود بالقانون الدولي القرارات التي تمس القضية الفلسطينية والسورية المندسة في أدراج الأمم المتحدة، فهي لم تنصف صاحب الحق الشرعي في أرضه رغم صلف إسرائيل تجاه أي قرار يدين أفعالها المختلة على الأراضي المحتلة.
ما هي الكيفية التي يمكن للعرب أن يحاصروا بها إسرائيل إذا كانت هي فوق «الفيتو»؟ ومن الذي يملك الحق المطلق في محاسبة دولة إسرائيل المفروضة على العالم أجمع بحكم النظرية الواقعية، دون وجود قوة عربية وازنة تقلب هذا الواقع لصالح قضاياهم العالقة.
إسرائيل تروج لنفسها على أساس أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، أيضاً إسرائيل تعتبر من أكبر القوى الضاربة في المنطقة، وهذا جعلها أكثر ثقة وغرورا بقوتها مقارنة بكل الجيوش العربية، وهي في ذاتها معضلة أخرى في حساب ميزان القوى العسكرية في العالم العربي على وجه العموم.
إذا أتينا إلى الواقع الفلسطيني نجده مشرذماً بين فريقين منقلبين غير متفقين على الخطوط العريضة لمواجهة إسرائيل في لحظة انتشائها بهذا الوضع الذي بلا شك يصب في مصلحتها ويبرر لها الاستمرار في المماطلة تجاه مشروع السلام الذي ما زالت ثقة العرب به كبيرة.
خلال سبعة عقود تغير سلوك إسرائيل إلى الأسوأ، وسلوك العرب إلى الأحسن، ولكن الحصيلة صفر لصالح العرب، فلماذا تحسن إسرائيل سلوكها من أجل العرب؟
من جانب آخر فلننظر إلى القضية الفلسطينية بوجهيها، «الحمساوي والعباسي» الأول مقتنع بالمقاومة بكل صورها حتى تعود الأرض إلى أصحابها من الجانبين. ويقول عباس لن أذهب إلى العنف أبداً، وإنْ طال عمر القضية قروناً.
هذا الطرح بين طرفي الصراع الفلسطيني لا يترك المجال لأحد أن يحاصر إسرائيل وفقاً للقوانين الدولية في الوقت الذي يحاصر فيه الفلسطينيون أنفسهم بهذا الأسلوب الرخيص من الخلافات البينية.
في العهد الأول من الصراع أراد شقير فلسطين من البحر إلى النهر عندما عرض عليه النصف فرفض، أما في عهد عرفات، فقد أراد أن يكون مانديلا العرب، ورغم ذلك لم يكسب المعركة.
فمن عهد عرفات إلى زمن عباس، وإسرائيل تحرق أشجار الزيتون وأغصانها، وتزرع مكانها شجر الغردق انتظاراً لقدرها المحتوم وليس شرطاً ولا حتماً أن يكون بيد «حماس» ولا عباس وإن كان يود أن يكون «غاندي» فلسطين في نبذه للعنف. فالنتيجة أن عباس الرئيس لا يعترف بطريقة «حماس» في التحرير ولا يتحمس لها قيد أنملة، وإسرائيل لا تعترف لا بهذا ولا بذاك، فكيف للعرب محاصرتها دولياً وهم يحاصرون أنفسهم بهذا وذاك.