أعلن الجيش الإسرائيلي عن استعادة رفات أحد جنوده قبل يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لروسيا، وقبل 6 أيام من الانتخابات العامة الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل الجاري. وقال نتنياهو في بيان بثه التلفزيون الإسرائيلي الأربعاء الماضي عن استعادة رفات الجندي: «اليوم يتحقق اليقين (بوفاته) ونغلق القضية»، مضيفاً: «هذه واحدة من أكثر اللحظات العاطفية التي مررت بها طوال سنوات عملي كرئيس للوزراء، هذه العملية هي نتيجة لجهود دبلوماسية كبرى سنتحدث عنها يوماً ما».
ومن جديد يثير توقيت الإعلان التساؤل، لاسميا أن إسرائيل على أبواب الانتخابات. فبعد أن وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 25 مارس الماضي مرسوماً ينص على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، قدّم الرئيس الروسي دعماً انتخابياً آخر لنتنياهو بإعادة رفات الجندي القتيل «زخاريا باومل»، لتعزيز فرص نتنياهو في الانتخابات، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها لن تكون في صالحه، في محاولة لتركيز الانتباه على نجاحات نتنياهو مقابل فضائح الفساد التي طالته وزوجته في الفترة الأخيرة.
وترتبط إسرائيل بعلاقة مزدوجة خاصة مع أميركا وروسيا. ويشير تسلسل الأحداث، منذ اتخاذ واشنطن قراراً بتخفيف وجودها في الشرق الأوسط، في إطار الاستدارة نحو آسيا والمحيط الهادئ، وفق تعديل الأولويات الإستراتيجية، والسعي الروسي لملء الفراغ بعد التراجع الأميركي في الإقليم منذ عهد الإدارة السابقة، إلى التقاء مصالح بين إسرائيل وروسيا، ظهر من خلال التنسيق عالي المستوى في الملف السوري خاصة. فإسرائيل التي كانت قلقة من التراجع الأميركي في الشرق الأوسط باركت الانخراط الروسي في الملف السوري، وذلك لقدرة موسكو على لجم وتحجيم «الخطر الإيراني» في سوريا. فمنذ بدايات الأزمة السورية كانت إسرائيل متحفظة على تغيير نظام بشار الأسد، وقد تقاطَع موقفها مع روسيا والتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015. واتضح التنسيق الروسي الإسرائيلي خلال الغارات الإسرائيلية ضد المواقع التابعة لإيران و«حزب الله» في سوريا مقابل عدم المس بالنظام السوري نفسه.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أشارت قبل عدة أشهر إلى أنها عملت مع إسرائيل في عملية للعثور على جثث جنود إسرائيليين داخل أراض كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سوريا، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الروسي إيغور كوناشينكوف، في سبتمبر الماضي، أن إسرائيل «ناشدت روسيا مساعدتها في العثور على رفات الجنود الإسرائيليين في مناطق محددة داخل سوريا»، وأن عملية البحث تم ترتيبها «بعد موافقة روسيا على العملية مع شركائنا السوريين».
وكانت إسرائيل قد فقدت خمسة جنود في معركة السلطان يعقوب بين قواتها والقوات السورية في 11 يونيو 1982 في سهل البقاع اللبناني، واستعادت جنديين أحياء كانا قد وقعا في الأسر ضمن عملية تبادل للأسرى مع سوريا و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة»، بينما ظل مصير ثلاثة آخرين، هم زخاريا باومل ويهودا كاتز وزفي فيلدمان، غير معروف، لذلك عُدوا في عداد المفقودين بعد أن فشلت كافة الجهود الإسرائيلية، على مدى 36 عاماً، في تحديد مصيرهم.
وتأتي ضجة استعادة رفات الجندي الإسرائيلي لدعم فرص نتنياهو في الانتخابات العامة، يوم غد الثلاثاء، وهو الذي أعلن أيضاً اتخاذه إجراءات لضم بعض المستوطنات المقامة في الضفة الغربية إلى إسرائيل، حال فوزه بالانتخابات.
ويعكس إغداق الرئيسين ترامب وبوتين الهدايا الانتخابية على نتنياهو عشية الانتخابات الإسرائيلية،التنافسَ الدائرَ بين موسكو وواشنطن لإضافة إنجازات لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد إنجازاته المتصلة بالقدس والجولان!
وكل المعطيات تشير إلى احتمالية فوز نتنياهو بولاية خامسة؛ لذلك فستشكل أحزابُ اليمين المتطرف، بقيادة حزبه «الليكود»، الحكومة الإسرائيلية القادمة.

*كاتبة إماراتية