تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بوصفها مُحركاً رئيسياً للاقتصاد، وذلك من أن توجهت الحكومة إلى تصنيفها كواحدة من أهم الآليات الاستراتيجية لدعم الهيكل الإنتاجي، الذي أوصل نسبة مشاركة هذه المشروعات في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 53% خلال عام 2018، إضافة إلى أنها شكلت 98% من الشركات المسجلة في الدولة حتى نهاية عام 2017، حيث تعمل النسبة الأكبر منها بقطاع التجارة والخدمات والصناعة، وذلك بحسب تقرير الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء.
وفي مبادرة ريادية تعبر عن الاهتمام بعقد الشراكات، أعلنت حكومة دولة الإمارات وخلال «منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا» الذي انعقد في الأردن واختتمت أعماله أمس الأحد، منح تأشيرات لمدة خمس سنوات لأفضل 100 شركة عربية ناشئة تم اختيارها، في مبادرة تسعى إلى رسم المستقبل في إطار الثورة الصناعية الرابعة، حيث تم إعلان منح هذه التأشيرات في جلسة خاصة بتحفيز المشروعات العربية الناشئة، من خلال تطوير التشريعات ودعم ريادة الأعمال، وتسهيل مزاولتها، وبما يعزز في المحصلة دور الدولة كبيئة جاذبة ومشجعة على نمو ونجاح الشركات، ويدعم مكانتها العالمية في استقطاب المواهب والكفاءات.
يُنظر إلى تصدر دولة الإمارات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مشروعات التقنية الناشئة، الذي جاء بفضل تأسيسها بنية تشريعية جاذبة للابتكار، كأحد أهم الأسباب التي شجعت رواد الأعمال على إنشاء شركاتهم الناشئة في هذا المجال، والتي أصبحت صاحبة دور أساسي في قيادة العجلة الاقتصادية، وذات دور بارز في توفير المزيد من فرص العمل، واستقطاب الخبرات البشرية المدرّبة، وهو ما أسس لتوجهات الدولة في جذب مزيد من الشركات الناشئة إليها، من خلال بناء شراكات عالمية، وبما يدعم مسيرة تبني التكنولوجيا المستقبلية، ويعزز من تبادل الخبرات والابتكارات العالمية، حيث تمتلك دولة الإمارات اليوم تجارب رائدة في احتضان مشروعات المستقبل، القائمة على توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة التي تخدم الإنسان وتبتكر حلولاً تكنولوجية للمستقبل.
ولتبني المشروعات الـ100 العربية الناشئة، سيتم التنسيق مع «منطقة 2071» التي تشكّل بوابة العبور إلى الغد، وتعدّ منصة خاصة لتطبيق النموذج الإبداعي لتصميم المستقبل، إذ تحتضن دولة الإمارات نحو 20% من المشروعات الناشئة في المنطقة، كما يوجد فيها 19 مشروعاً ناشئاً واعداً، من أصل 100 مشروع في المنطقة العربية من المتوقع أن تشكّل مستقبل الثورة الصناعية الرابعة بالمنطقة، ما يشير إلى فرادة نموذجها في امتلاك المقومات اللازمة لإنشاء وتطوير المشروعات المبتكرة التي وجدت بنية تشريعية آمنة وتتسم بالنوعية والمرونة والسرعة، وتواكب المتغيرات الجديدة في السوق، وخاصة فيما يتعلق بمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، وتنظيم مجالات العمل التقني والتكنولوجي الحديث، والتشجيع على الاستثمار الآمن في القطاعات المستقبلية.
لقد باتت دولة الإمارات الحاضنة الأولى للشركات الناشئة في المنطقة العربية، حيث استحوذت على 28% من جميع صفقات تمويل الشركات الناشئة في عام 2018، وفقاً لتقرير شركة «ماغنيت»، المنصة الإلكترونية التي تربط رواد الأعمال الناشئين بكبار الاستراتيجيين، كما أسهمت دولة الإمارات في تحفيز وانطلاق العديد من المشروعات العالمية الكبرى من أرضها، مثل: «كريم» التي تصدرت القائمة بوصفها الشركة المليارية الأولى في المنطقة، بحسب التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بعنوان: «10 شركات ناشئة تسهم في تغيير العالم العربي».
وعملت دولة الإمارات على تبني المشروعات الناشئة ودعمها، محلياً وعربياً، نظراً إلى إيمانها الكبير بأن الأولوية في الاستثمار تكون برأس المال الفكري والبشري القائم على الإبداع والابتكار، إضافة إلى إيمانها بضرورة إحداث نقلة نوعية، على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، في مجال التوظيف واستقطاب الكفاءات والمواهب، باعتبار أن المشروعات الناشئة، وخاصة ما يتعلق منها بالتقنيات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، هي إحدى أهم القنوات الرئيسية لبناء اقتصاد تنافسي معرفي قائم على الابتكار، وتمثل عنصراً مهماً في تنفيذ مستهدفات الأجندة الوطنية لعام 2021، وتسهم في بناء منظومة متكاملة تجعل المستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.
*عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.