حتى الآن، مرّر دونالد ترامب تشريعاً مهماً واحداً، ألا وهو: خفض الضرائب 2017. والحق أنه كان تشريعاً ينطوي على تداعيات كبيرة؛ فالشركات التي كانت المستفيد الرئيسي، ادخرت أكثر من 150 مليار دولار بفضل خفض الضرائب الذي أوجد عجزاً في الميزانية بأكثر من تريليوني دولار. لكن خفض الضرائب كان من المفترض أن يفعل أكثر من مجرد منح الأطراف المعنية أموالا أكثر – أو على الأقل هذا ما كان يقوله مؤيدوه. كما كان من المفترض أن يفضي إلى سنوات من النمو الاقتصادي المرتفع.
المراقبون المستقلون كانوا متشككين، وقد اعترفوا بأن خفض الضرائب قد يؤدي إلى ارتفاع نمو قصير، لأن ذاك هو ما تفعله حالات العجز الكبير. غير أن أي تأثيرات إيجابية على النمو ستختفي بسرعة، كما كانوا يقولون. وعلاوة على ذلك، فإنهم كانوا يشددون دائماً على أنه لابد من بعض الوقت لتقييم التأثيرات الحقيقية لخفض الضرائب. غير أنه عندما نما الاقتصاد بسرعة كبيرة خلال الربع الثاني من 2018، رأى ترامب وأنصاره في ذلك دليلاً يؤكد صواب موقفهم وسخروا من منتقديهم.
لكن التقارير تظهر الآن تباطؤ النمو إلى حدود 1.5?، والنتائج تبدو مختلفة تماماً عن الطفرة الاقتصادية الضخمة والمستمرة التي وعد بها ترامب، وتبدو أشبه بالارتفاع السريع والقصير في النمو الذي توقعه المنتقدون.
لكن من عادة ترامب، عندما لا تسير الأمور على النحو الذي خطط له ووعد به، إلقاء اللوم على الآخرين. فهو يؤكد الآن أننا كنا سنشهد طفرة اقتصادية ضخمة، ونمو نسبته 3?، لو أن «الاحتياطي الفدرالي» لم يرفع نسبة الفائدة.
من الواضح أن «الاحتياطي الفدرالي» كان مفرطاً في التفاؤل بشأن آفاق الاقتصاد، على غرار ما فعل في أحيان كثيرة خلال العقد الماضي. ومن الجدير ذكره هنا أنه طوال تلك الفترة كلها، كان منتقدو «الاحتياطي الفدرالي» المحافظون يهاجمون المؤسسةَ بسبب إبقائها على معدلات الفائدة منخفضةً. لكن يتضح الآن أن محاولة تطبيع السياسة النقدية كان سابقاً لأوانه.
إن النظرية الترامبية، التي حظيت بدعم بعض الاقتصاديين المحافظين، هو أن ثمة أكواماً ضخمة من الأموال خارج الولايات المتحدة ستقوم الشركات بإعادتها واستثمارها على نحو منتج إن هي مُنحت حافز خفض معدلات الضرائب. لكن تلك الأكوام المكومة من المال كانت مجرد وهم، وخفض الضرائب لم يمنح الشركات حافزاً لإنشاء مصانع جديدة، وكل ما فعله هو دفعها لتغيير استراتيجياتها للتهرب من دفع الضرائب.
وعليه، فإن طفرة الاستثمارات التي وعد بها اقتصاديو ترامب لم تتحقق أبداً. فالشركات لم تستغل خفض الضرائب للاستثمار أكثر، وإنما استغلته لإعادة شراء أسهمها الخاصة. ولعل محاسبيها استمتعوا باكتشاف طرق جديدة للتهرب من دفع من الضرائب، بينما انتهى الأمر ببقية الأميركيين مثقلين بتريليوني دولار إضافية أو نحوها من الديون.
لست قلقاً بشأن الدَّين. ذلك أنه بالنظر لكلفة الاقتراض المنخفضة، فإن تكاليف ومخاطر الدين الفدرالي أقل بكثير من مما ادّعاه البعض. لكني أفكر في كل الأمور الأخرى التي كان يمكن أن ننجزها بـ2 تريليون دولار، بما في ذلك البنى التحتية التي كان يمكن إصلاحها وإنشاؤها، والأشخاص الذين كان يمكن منحهم رعاية صحية أساسية.. فيا له من ضياع كبير!

*أكاديمي أميركي حائز جائزة نوبل في الاقتصاد

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/03/30/opinion/the-incredible-shrinking-trump-boom.html