في إطار رؤيتها الرامية إلى التحول نحو اقتصاد تنافسي معرفي مبني على الابتكار، تكثّف دولة الإمارات العربية المتحدة، جهودها في الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الحيوية غير النفطية، ذات القيمة المضافة بما يطور من بيئة الأعمال ويعزز من جاذبية الاستثمارات، ويجعل الدولة من أفضل دول العالم في المجالات كافة، وصولاً إلى مستقبل تنعم فيه الأجيال بروح الريادة والإبداع والمسؤولية والطموح.
وعلى هامش زيارته الأخيرة للدولة، قال موخيسا كيتوي، الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، إن «دولة الإمارات تشكل نموذجاً في استشراف التوجهات المستقبلية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والاستعداد للتحولات الجارية في هيكل هذه التدفقات مع تزايد التوسع في العولمة الرقمية، وذلك من خلال مبادراتها بوضع استراتيجية وطنية للثورة الصناعية الرابعة»، ما يشير إلى أن الدولة ترسم ملامح مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر بنجاح وبراعة، عبر مبادرات استراتيجية تستعد من خلالها لمستقبلها الاقتصادي، الذي يرتكز على الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الرقمي في التوسع إقليمياً وعالمياً في مجالات الاستثمار والتجارة.
لقد عملت دولة الإمارات على استشراف المستقبل، من خلال استراتيجية تهدف إلى استشراف الفرص والتحديات في القطاعات الحيوية كافة بشكل مبكّر، حيث تم تأسيس وزارة معنية بهذا الشأن تحمل الاسم نفسه، تقوم بوضع خطط استباقية بعيدة المدى، لتحقيق إنجازات نوعية، عبر بناء نماذج مستقبلية لقطاعات الصحة والتعليم والقضايا الاجتماعية والتنموية والبيئية، وبناء قدرات وطنية في مجال استشراف المستقبل، وتطوير مختبرات تخصصية وعقد شراكات دولية وإطلاق تقارير بحثية متخصصة، ورسم واعتماد تشريعات وسياسات وأنظمة حكومية لاستشراف المستقبل بفعالية وكفاءة.
وتمكنت دولة الإمارات، من خلال خططها واستراتيجياتها في استشراف المستقبل، من تحديد آفاق وتحديات الفرص الاقتصادية، محلياً وإقليمياً ودولياً، ووفرت منصات مهمة لالتقاء الناشطين والمتخصصين والخبراء في هذه المجالات، وذلك للانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد رقمي، وخاصة أن المستقبل لم يعد يعتمد على الآليات التقليدية للتعامل مع التحديات التي تقف عائقاً أمام تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، التي باتت بأشد الحاجة إلى القيام باستثمارات مهمة في التنمية الرقمية والتطبيقات التكنولوجية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما يُنظر إلى «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة» التي أطلقتها الحكومة في سبتمبر 2017، أنها جاءت لأجل تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، وتحقيق اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية، ما يمكنها من أن تصبح نموذجاً عالمياً رائداً في المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، وتطويع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق السعادة والرفاه لأفراده، من خلال تطوير الشراكات واعتماد السياسات التي تعمل على تحفيز الإمكانيات الضخمة للعلوم والتكنولوجيا، في تحقيق نمو متسارع، وتوليد أثر إيجابي مستدام للجميع.
إن دولة الإمارات تحرص على أن يكون الابتكار واستخدام التكنولوجيا الرقمية جزءاً من استراتيجياتها كافة، وتتبنى نظرة مستقبلية تركز على الاستثمار في قطاعات المعرفة والتكنولوجيا والصناعات المتقدمة، وتوجيه الفرص نحو تطبيقات الاقتصاد الرقمي والثورة الصناعية الرابعة، ما مكّنها من تبوؤ مكانة رائدة، إقليمياً وعالمياً، في هذا المجال، نظراً لما تملكه من منظومة وبنى تحتية إلكترونية شجّعت على التجارة الذكية والاقتصاد الرقمي، وتطوير نماذج مبتكرة للخدمات الرقمية، وخطط واستراتيجيات مرنة ونوعية، تتلاءم وتطلعات الأفراد والمؤسسات في ضمان مستقبل أفضل لقطاعات التكنولوجيا والأنظمة الذكية ومستقبل الاستدامة والبنية التحتية والمواصلات والصحة والتعليم والطاقة والنقل والأمن والتجارة والاستثمار والحياة الإيجابية والسعيدة للجميع، وبما يعزز مكانتها كوجهة عالمية رائدة للمستقبل المستدام، في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية المتصلة بالتنمية المستدامة، ويحقق الهدف الذي جاءت لأجله «مئوية الإمارات 2071» في أن تكون الدولة الأفضل على مستوى العالم، بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات في عام 2071.

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.