رمضان على الأبواب وفي هذا الشهر الكريم يتجه الناس إلى العبادة الخالصة لله. وأيضاً هناك تهافت يحدث عادة على الأسواق لشراء ما يحتاجه الناس خلال هذا الشهر الكريم.
السؤال هنا: كيف ستكون أسعار السلع في الأسواق؟ هل ستكون في حدود المعقول؟ هل سينافس التجار بعضهم بعضا للاستفادة من هذه المناسبة؟ هل سيتم الضغط على التجار لخفضها؟
الأسئلة حول هذا الموضوع تصب في صالح المستهلك عامة لاسيما أصحاب الدخل المحدود، حيث يفترض أن هؤلاء عادة يدخرون جزءاً من مالهم، ومما يساعدهم على ذلك انخفاض أسعار السلع.
في معظم دول المنطقة العربية، لو أخرجنا الفئة العاملة في المجالات التجارية والاستثمارية ومعها فئة أصحاب الأجور العالية من الموظفين لوجدنا أن الشريحة الأكبر هم من فئة المهن والوظائف الصغيرة، والتي عادة ما تفضل استغلال عوائدها المادية في تكوين مدخرات تحسن ظروفها المادية، وكلما كانت أسعار السلع أقل انعكس ذلك إيجابياً على مدخراتها وعلى ظروف حياتها المعيشية، وكلما ارتفعت الأسعار قلّ الادخار وزادت الظروف المعيشية صعوبة، مما يتسبب في مشكلات اجتماعية.
وقد انتهجت بعض البلدان سياسات حكومية وأهلية لعلاج مشكلة الغلاء.
وضمن هذا الإطار أذكر مثالاً حدثني به أحد الأصدقاء وكان طالباً في الولايات المتحدة الأميركية، يقول إنه خلال إحدى رحلاته الداخلية توقف للتبضع من أحد المحال التجارية، وعندما أخذ سلعة معينة دعته سيدة كبيرة في السن لأن يترك تلك السلعة ولا يشتريها. فسألها: لماذا؟ قالت: ألا تعرف قوانين المقاطعة لدى المستهلك؟ أجاب بالنفي، فطلبت منه ترك السلعة في مكانها والعودة لشرائها بعد يومين وسيجد أنها بنصف القيمة أو ربعها ومعها هدية ثم نصحته: تعلّم كيف تمتنع عن شراء السلع مرتفعة الثمن. وبعد يومين أراد صديقي التأكد من ذلك فرجع إلى نفس المحل التجاري ووجد السلعة ذاتها تباع فعلاً بنصف القيمة ومعها هدية. ومع مرور الأيام وجد أن هذه قاعدة يتربى عليها المستهلك الغربي بما لديه من ثقافة ووعي بالتعامل مع المتغيرات الاقتصادية التي تواجهه، حيث يُحجم عن شراء السلع التي يرتفع ثمنها أكثر من المعقول مما يضطر التاجر لخفض سعرها.
ومن خلال هذه التجرية يعرف المرء أن التاجر لا يستطيع فرض «قوانينه» التجارية، بل المستهلك هو من يفرض ذلك. إنه درس يتعلق بمسألة تمس حياة الإنسان في كل مكان وتحتاج إلى دراسة وتشخيص عميقين في كل بلد على حدة.

*كاتب إماراتي