عبرت «سوتشيل رودريجيز» ريو دي جانيرو قبل بضعة أسابيع لزيارة مرسم عمتها القديم في سيوداد خواريز. لقد مرت سنوات منذ أن زارت عمتها التي فرت إلى «إل باسو» قبل عقد من الزمان وسط أعمال عنف مكثفة من قبل العصابات. لم تكن «رودريجيز»، التي ولدت ونشأت في الجانب الأميركي من هذه المدينة الكبيرة ثنائية القومية، غريبة على الجسور الستة التي تعبر نهر «ريو جراندي». وفي طريق عودتها رأت شيئاً لم تره من قبل: مئات المهاجرين ينامون خلف سياج على شكل سلاسل تحت جسر «باسو ديل نوتر». وتقول: «كانوا 200 شخص يصيحون: «نحن هنا بالفعل منذ أربعة أيام وسط هذه القذارة.. كيف تسمحون بذلك؟».
لشهور، كان طالبو اللجوء، ومعظمهم من العائلات والأطفال غير المصحوبين من أميركا الوسطى، يصلون إلى المدن الواقعة على الحدود الجنوبية، مثل إل باسو، بأعداد لم تحدث منذ سنوات. وكان أفراد المجتمع، مثل رودريجيز، يعملون على مدار الساعة للمساعدة في إيواء وإطعام المهاجرين المفرج عنهم من قبل وكالات الهجرة. تقول رودريجيز: «إن مدينة إل باسو تعرف كيف تتعامل مع هذا. وكنت أتمنى ألا يكون علينا القيام بذلك. من وجهة نظر هذا المجتمع، من المحبط جداً عدم رؤية أي مساعدة أو تغيير حقيقي في السياسة».
وتعمل وكالات الهجرة على مدار الساعة، حيث تتخذ خطوات غير مسبوقة رداً على ارتفاع أعداد المهاجرين ممن هم غير مؤهلين جسدياً وقانونياً للتعامل معهم. وقد توفي طفلان في حجز الولايات المتحدة في ديسمبر، بينما يتم إجراء فحوصات طبية لكل طفل دون السابعة عشر. ويتم تجنيد عملاء إضافيين عبر الحدود الجنوبية الغربية للمساعدة في التعامل مع المهاجرين، بينما تستمر أوقات الانتظار في موانئ الدخول لساعات.
وبينما تعد الهجرة قضية سياسية مثيرة للخلاف، عززت الأزمة الحالية إجماعاً واسع النطاق، يمتد من الوكالات الفيدرالية إلى نشطاء المهاجرين، بأن نظام الهجرة الأميركي بحاجة إلى إصلاح شامل.
ويرى الخبراء أن المشكلة في تحديد أولويات القوانين هي أن الهجرة قد أصبحت قضية سياسية مثيرة للانقسام. وكتبت «سونيا نازاريو»، صحفية مخضرمة في شؤون الهجرة، في صحيفة «نيويورك تايمز»: «إن القضايا المثيرة للخلاف لا يتم حلها، حيث يستخدمها كلا الجانبين لتعبئة قاعدته».
وبالإضافة إلى التغييرات القانونية والسياسية لنظام موجه نحو ترحيل الرجال المكسيكيين البالغين، يعتقد بعض الخبراء أن هناك ضرورة لإعادة التفكير الهيكلي. يقول «فيكتور مانجاريز»، رئيس قطاع حرس الحدود السابق، «يجب أن ننظر إلى أمن الحدود كنظام بيئي يتأثر بمجموعة من المتغيرات القريبة والبعيدة، أشياء لا يلمسها أمن الحدود لكنه بالتأكيد يتأثر بها».
ويشير التغيير في المناصب العليا في وزارة الأمن الداخلي، هذا الشهر، إلى مدى سعي إدارة ترامب حالياً إلى سد ما تسميه «الثغرات» في قانون الهجرة. وقال «كيفين ماكالينان»، مفوض الجمارك وحماية الحدود الأميركية، في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، «إن السبيل الوحيد لمعالجة هذه التدفقات بشكل أساسي هي أن يعيد الكونجرس النزاهة إلى نظام الهجرة لدينا».
وتحديداً، هناك مجالان للقانون الذي تسعى إدارة ترامب لتغييره. تسوية في الدعوى القضائية المعروفة بـ«فلوريس» لعام 1997 والتي تتطلب من الحكومة احتجاز العائلات لمدة لا تزيد عن 20 يوماً. وبالإضافة إلى هذا، فإن إعادة العمل بقانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، الذي تم سنه في عام 2008، يتطلب من الحكومة تسجيل جميع أطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم في سجل إجراءات محكمة الهجرة ما لم يكونوا من المكسيك أو كندا. وتسعى الإدارة أيضاً إلى رفع المعيار الذي يمكن لطالب اللجوء من خلاله أن يدعي «خوفاً جديراً بالتصديق»، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز».
وتشكل قوانين اللجوء الأميركية والدولية، مقترنةً باحتمال الإفراج السريع من الاحتجاز من خلال تسوية «فلوريس» وقانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر والتراكم المستمر منذ سنوات في محاكم الهجرة الأميركية، طريقاً بسيطاً نسبياً للحياة في الولايات المتحدة حتى عام 2021 على الأقل. وقد تم رفض أغلبية طلبات اللجوء، أو نحو 60 في المئة خلال السنة المالية 2017. في ذلك العام، تم إطلاق سراح 11,022 مهاجرا من الحجز والأمر بترحيلهم بعد فشلهم في المثول أمام جلسات استماع محكمة الهجرة الخاصة بهم، بزيادة 21% عن العام السابق، وفقاً لوزارة العدل.
يقول «مانجاريز»، وهو أستاذ بجامعة تكساس في إل باسو، إنه من الممكن استبعاد «الحدود» فيما يتعلق بطالبي اللجوء الذين يتم فحصهم قبل الوصول إلى الحدود الأميركية ويصبحون بحاجة إلى الإقامة أو النقل. هل من الممكن تقييم مزاعم الخوف الموثوقة في بلد طالبي اللجوء؟ هل من الممكن الفصل في قضايا اللجوء في المكسيك؟ من المرجح أن يتم الطعن في هذه المقترحات في المحكمة. فقوانين اللجوء الأميركية والدولية ترتكز على فكرة أن اللاجئين يطلبون اللجوء بمجرد وصولهم إلى بلد اللجوء، لأنهم يتعرضون لخطر كبير في أماكن أخرى.
وبدلا من تشديد متطلبات اللجوء، أو تمديد البنية التحتية لمراقبة الحدود في الولايات المتحدة إلى بلدان أخرى، يعتقد البعض أنه يمكن العمل بنظام الهجرة الحالي بشرط توفير الموارد المناسبة له.

*صحفي أميركي متخصص في قضايا البيئة والعدالة الجنائية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»