من بين كل الدول حول العالم، تبدو إيران نقطة الضغط الرئيسة لدونالد ترامب. ففي يوم الاثنين الماضين، أكدت إدارته أنها ستنهي الإعفاءات المؤقتة التي منحتها لحفنة من الدول حتى يمكنها الاستمرار في استيراد النفط الإيراني مع تجنب العقوبات المفروضة من قبل البيت الأبيض على صناعة النفط الإيرانية. وقد أحدث القرار مفاجأة في أسواق الطاقة، ولدى عدد من الشركاء الأميركيين الرئيسين، والعديد منهم توقع الحصول على تمديد إضافي على الإعفاءات. وقد ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في ستة أشهر بعد أن نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأخبار يوم الأحد الماضي.
وفي مؤتمر صحفي، قام وزير الخارجية «مايك بومبيو» بتبرير هذا الإجراء باعتباره محاولة لتقليص النفوذ الذي يمكن أن تتمتع به طهران على الساحة العالمية. وقال بومبيو «لا يزال الهدف بسيطاً: حرمان النظام الخارج على القانون من الأموال التي يستخدمها لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط»، مضيفاً أن الولايات المتحدة كانت تريد تخفيض صادرات النفط الإيرانية إلى «الصفر». وهذا يعني تشديد الخناق وإجبار بعض المستوردين الرئيسين للنفط الإيراني، ومن بينهم الصين والهند – على وقف الاستيراد من إيران.
وبالنسبة لإدارة ترامب، فإن هذه هي فقط أحدث خطوة مواجهة ضد إيران. فبعد الانسحاب من جانب واحد من الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه بين إيران والقوى العالمية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على كبار المسؤولين الإيرانيين وقطاعات مختلفة من اقتصاد البلاد. وقامت مؤخراً بتصنيف الحرس الثوري الإيراني الذي يتمتع بالنفوذ باعتباره «منظمة إرهابية أجنبية»، وهو إجراء من شأنه أن يجعل من الصعب على الإدارات الأميركية المستقبلية إصلاح العلاقات مع الحكومة.
والآن، فإنها ترفع المخاطر بالنسبة للقوى الكبرى الأخرى. فقد حذر بومبيو من أن «أي دولة أو كيان يتفاعل مع إيران يجب أن يتوخى الحذر».
بيد أنه ليس من الواضح تماماً ما إذا كانت إدارة ترامب قد قامت بما يلزم. ومن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة تعتمد على المملكة العربية السعودية وغيرها من منتجي النفط الرئيسين للمساعدة على تعويض النفط الإيراني الذي تم انتزاعه من السوق.
وقد ترفض قوى إقليمية أخرى تكتيكات الضغط التي يمارسها البيت الأبيض. فصادرات طهران تبلغ نحو مليون برميل يومياً من النفط، نصفها يذهب إلى الصين. وتشمل الدول الأخرى التي تسعى للحصول على إعفاءات الهند وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان –وكلها من الشركاء التجاريين الرئيسين للولايات المتحدة.
وأشار «جيرالد فايرشتاين»، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط، إلى أن «امتثال هذه الدول لطلب البيت الأبيض بإنهاء عمليات شراء النفط الإيراني على الفور أو مواجهة عقوبات مالية أميركية سيكون من الصعب تحقيقه».
وأثار عداء ترامب لإيران الحلفاء في أوروبا، الذين ما زالوا يحاولون إقناع طهران بالبقاء ضمن الاتفاق النووي، وهذا يمكن الاستدلال عليه بتصريح ل «ماريا بيلوفاز»، المتحدثة باسم وفد الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة، قالت فيه: «إننا نأسف على إعلان الولايات المتحدة بعدم تجديد إعفاءات النفط».
وقد تتخذ طهران نهجاً أكثر حذراً. فقد قالت «إيلي جيرناميه»، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لصحيفة الاندبيندنت «إنهم لن يندفعوا باتخاذ رد فعل مبالغ فيه. لقد قالوا بالفعل إنهم سيتشاورون مع الشركاء. وسيستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد كم النفط الإيراني الذي يمكن بيعه من خلال شبكات غير مشروعة أو من خلال آلية خاصة تطبقها الحكومة».
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»