ما زالت المرأة الإماراتية مصرّة على السير في طريق مطالبتها بحقوق تمكينها، رغم كل ما حصلت عليه من حقوق حتى الآن، إلى حدّ استحواذها على نحو 66 بالمئة من القوة العاملة في القطاع الحكومي، من ضمنها 30 بالمئة في مراكز قيادية مرتبطة باتخاذ القرار. ووفقاً لتقرير التنافسية التابع للتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين للعام الماضي 2018م، فقد أحرزت دولة الإمارات المركز الأول عربياً في مؤشر تكافؤ الأجور، لتكون بذلك قد حققت تكافؤًا أفضل بين الجنسين في مؤشرات المناصب القيادية والإدارية. أما في القطاع الخاص، تحديداً في مجال الأعمال التجارية، فقد وصل عدد الإماراتيات إلى حوالي 23 ألف سيدة أعمال، يدرن مشروعات تزيد قيمتها على 50 مليار درهم، كما يشغلن نسبة 15 بالمئة من مجالس إدارات غرف التجارة والصناعة في الدولة. وفي الموارد البشرية الوطنية، في القطاع الخاص، وصلن الإماراتيات إلى نسبة 57 بالمئة..(أنظر بحث أدوات تمكين المرأة الإماراتية - د مريم سلطان لوتاه). وفي السنوات الأخيرة، كثيراً ما تردد مصطلح (تمكين) في الصحافة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بالدولة، وارتبط بالمرأة حصراً. وغداً حديث المجالس وتساؤلاتهم حول معنى المصطلح وما الذي يعنيه، ولماذا ارتبط بالمرأة، وهل معناه تزويدها بالمعرفة والمهارات والقدرات التي تؤهلها وتعدّد خياراتها، أم أن المصطلح أوسع من ذلك، وأن هنالك أمورًا أخرى مشمولة بمظلته؟ والحقيقة أن مصطلح التمكين - سواء كان ارتباطه بالمرأة أو بالرجل - هو يعني التأهيل المعرفي والعلمي، ومجموع المهارات والقدرات، والتشجيع بتذليل عقبات الطريق التي قد تحول دون وصول الشخص إلى هدفه، أو إلى المكان المناسب الذي يسعى لأن يكون فيه.
التمكين يعني توفير المناخ المناسب وذلك لضمان الحركة الطبيعية وتحقيق الغاية المرجوة من دون أية مشكلات مادية، أو مؤثرات سلبية تحدّ من الحماسة والاندفاع. والحديث عن تمكين المرأة، تقول د. مريم، هو حديث في السياسة والثقافة والدين إضافة إلى التشريعات. وهذا يجعل الحديث في المصطلح وعنه، حديثاً متعدّد الأبعاد. وجملة أدوات تمكين المرأة هي أربع: الثقافة الإماراتية، التعليم الحديث، الإعلام، والتشريعات. الأداة الأولى وهي الثقافة الإماراتية، لنفصِّل فيها. هنالك نصر للمرأة في الثقافة التقليدية الإماراتية التي هي نتاج رافدين أساسيين، كما أشارت الباحثة د مريم، هما: الأول الرافد العربي القبلي، والثاني الرافد الإسلامي. وكلا الرافدين حفظ للمرأة مكانتها وحقوقها. وما تريد أن تخلص إليه الباحثة هو: إن الانتقاص من المرأة - كما يرد على بعض ألسنة غير الإماراتيين - ليس مرجعه الثقافة القبلية، ولا النص الديني. إنما مرجعه في الأساس الفهم الخاطئ والمغلوط الذي جرى ترويجه، بوعي أو من دون وعي. إن المشاركة المجتمعية للمرأة، كان في الأساس نتاجاً لتفاعلها مع معطيات المكان ببيئتيه: الساحلية والداخلية. كما أن المرأة مارست العديد من الحرف الاقتصادية، وقامت بدور واضح في التجارة البينية. وكلام كهذا يعني أن الثقافة التقليدية في الإمارات، لم تَحُل دون قيام المرأة بأدوارها: في السياسة، والاقتصاد، والأدب والشعر، والتعليم، وطبابة الماضي.