في استطلاع رأي تلو الآخر، يواصل بعض الأميركيين تسجيل استنكارهم لسياسات الرئيس دونالد ترامب. وقد أظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه بي سي»، بعد الإفراج عن تقرير مولر، أن 39% راضون و54% غير راضين عن أدائه، وهو ما يتوافق تقريباً مع استطلاعات رويترز/ابسوس (53/40) وبوليتيكو مورنينج كونسالت (57/39) ومونماوث (54/40).. لكنها أقل مواتاة من غيرها.
ويظهر استطلاع «واشنطن بوست»/«إيه بي سي» أنه يحصل على علامات منخفضة بشأن الهجرة (57/39)، وإعلانه حالة الطوارئ الوطنية (64/34). ولم يغير تقرير المستشار الخاص آراء معظم الأميركيين (58? منهم) بشأن ترامب، لكن بالنسبة لهؤلاء الذين تأثروا، فقد كانت مشاعر 23% سلبية و11% إيجابي بشأنه. وبفارق كبير، يعتقد الأميركيون (58 مقابل 31?) أنه لم يقل لهم الحقيقة.
لذلك فالغالبية تعارض إعادة انتخابه، حيث ذكر 58% أنه لا سبيل للتصويت لصالحه في 2020. وتقول أكثرية إن تناول ترامب لقضايا الهجرة والرعاية الصحية والتجارة.. يجعلهم أقل ميلاً للتصويت لصالحه.
لكن فيما يتعلق بالاقتصاد، يأتي التصويت لصالح أداء ترامب ولو بفارق ضيق (32/39). وهنا أيضاً ما يدعو الجمهوريين للقلق: تعرض النتيجة مسبقاً موجة جديدة من الشعبوية التي يمكن أن تعيد تشكيل حملة رئاسية أخرى خلال ما تبقي من الولاية الرئاسية، وهو نحو 18 شهراً، قبل أن يقرر الناخبون ما إذا كانوا سيعيدون ترامب إلى البيت الأبيض. «هذه المشاعر متأصلة للغاية بين الناخبين المسجلين الديمقراطيين والمستقلين، كما أنها موجودة أيضاً بين شريحة كبيرة من الجمهوريين. يقول نحو 8 من كل 10 ديمقراطيين وأكثر من 6 من كل 10 مستقلين إن النظام الاقتصادي للبلاد يعطي ميزة لأولئك الموجودين بالفعل في السلطة، في حين أن نحو ثلث الجمهوريين يتقاسمون هذا الرأي».
وما كان يعد الإنجاز الأكبر لترامب، أي الخطة الضريبية، أصبح الآن رمزاً لتخليه عن الشعبوية الاقتصادية لصالح الرأسمالية الصديقة والتخفيضات الضريبية الضخمة لأكثر الأميركيين ثراءً. وأخيراً، يجعل تقرير مولر 36% أقل ميلا للتصويت لصالح ترامب وفقط 14% أكثر ترجيحاً للتصويت لصالحه، والبقية دون تغيير.
كانت الرعاية الصحية بمثابة كعب أخيل بالنسبة للجمهوريين في 2018، ومع تعهد ترامب بإلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة، فقد يكون كذلك في 2020 أيضاً. وقد ذكرت وكالة «أسوشيتيدبرس» ما يلي: «خلُص الاستطلاع الذي أجرته أسوشيتيدبرس ومركز (نورك) لأبحاث الشؤون العامة، إلى أن الديمقراطيين يتمتعون بميزة بنسبة 17% على الجمهوريين في تقييمات الأميركيين الذين يثقون بهم أكثر لتناول قضية الرعاية الصحية (40% مقابل 23%)».
والديمقراطيون لهم اليد العليا، شريطة أن يختاروا الخطة الصحيحة: يعتقد 57% أن الحكومة الفيدرالية مسؤولة عن التأكد من حصول جميع الأميركيين على التغطية الصحية، بينما يعتقد 41% أنها ليست كذلك.. فـ«من بين جميع الأميركيين، هناك 42% يؤيدون خطة جهة الدفع الواحدة مثل تلك التي تبناها السيناتور بيرني ساندرز، بينما يعرب 31% عن معارضتهم. وقال 25% إنهم غير مؤيدين ولا معارضين. وينهار التأييد على أسس حزبية وأيديولوجية، مع احتمال تأييد (الديمقراطيين الليبراليين) لجهة الدفع الواحدة أكثر بحوالي أربعة أضعاف الجمهوريين المحافظين». ومع ذلك، فالفجوة الحزبية تضيق بشكل كبير بالنسبة لخيار شراء الأميركيين لبرنامج حكومي.
وبشكل عام، يؤيد 53% خيار الشراء، بينما يعارضه 17% ويظل 29% مترددين.
وتؤيد نسب مماثلة من الديمقراطيين الخطتين. لكن الجمهوريين الذين يدعمون خطة الخيار العام هم غالباً ضعف هؤلاء الذين يؤيدون خطة الدافع الواحد بنسبة 44 -22%.
وإذا ما نظرت إلى كل ما سبق ستجد رئيساً مكلوماً يعتبر هدفه المحلي الأكبر من وراء الترشح لفترة رئاسية ثانية إلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة، لذلك فهو لا يحظى بشعبية كبيرة. وقد تزداد الأمور تعقيداً بالنسبة لترامب إذا ما تباطأ الاقتصاد، على سبيل المثال، أو إذا كان المرشح الديمقراطي يدعم خطة الخيار العام ذات الشعبية الفائقة، مقابل تعهد ترامب بإلغاء الرعاية بأسعار معقولة.
ولكن ذلك لا يعني أن الديمقراطيين واثقين من النجاح. فقد تعلمنا في 2016 أن المرشح الضعيف الذي يستطيع ترامب أن يشيطنه من الممكن أن يخسر. وأفضل فرصة لترامب، وربما تكون الوحيدة، من أجل البقاء السياسي، هي وجود مرشح «ديمقراطي» يجذب الضوء بعيداً عن إخفاقات الإدارة الحالية، إما لأن لديه عيوب شخصية خطيرة، أو لإمكانية تصويره متطرفاً وخطيراً من الناحية الأيديولوجية.

*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"