في صباح الثلاثاء الماضي، نشر زعيم المعارضة خوان جوايدو مقطعاً مصوراً وهو في قاعدة عسكرية بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس معلنا بداية «المرحلة النهائية» للتخلص من نظام الرئيس نيكولاس مادورو، وأشار إلى أن فصائل كبيرة داخل أجهزة الأمن في البلاد تؤيده، وحث أنصاره على النزول إلى الشوارع في احتجاجات «غير عنيفة» للتعجيل بانهيار نظام مادورو. وخاطب جوايدو «شعب فنزويلا» قائلاً إنه «حان وقت انتهاء اغتصاب السلطة».
وكان جوايدو يقف إلى جانب راعيه وزعيم المعارضة الكاريزمي «ليوبولدو لوبيث»، الذي يمثل حضوره، «تحديا لسلطة الحكومة». وكان «لوبيث» قد تخلص من إقامة جبرية بمساعدة الحرس الذين عُينوا لمراقبته. وحث «لوبيث» الوطنيين في تغريدة على تويتر أن «ينتزعوا» حريتهم. وفي الولايات المتحدة، أشاد مسؤولو الإدارة بالتطورات. وكتب مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في تغريدة على تويتر قال فيها «نحن معك!» مضيفا إليها هاشتاج #operacionlibertad الذي يعني بالإسبانية «عملية التحرير» التي تستخدم في الإشارة إلى الانتفاضة في فنزويلا. أما وزير الخارجية مايك بومبيو فقد عبر عن أمله في أن يعاد النظام الدستوري في البلاد على يد جوايدو الذي تعترف به الولايات المتحدة و60 دولة أخرى رئيساً انتقالياً قانونياً.
وفي المقابل حذر نظام مادورو وحلفاؤه الأجانب ومن بينهم روسيا من وقوع انقلاب بتحريض أميركي. لكن جون بولتون مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض أعلن «أنه ليس انقلابا أن يعطي رئيس الولايات المتحدة أمرا لوزارة الدفاع» وبالمثل ليس انقلابا أيضا أن يحاول جوايدو- وهو رئيس مشروع في وجهة نظر واشنطن- السيطرة على الجيش الفنزويلي.
لكن مع دخول الليل في كاراكاس لم تحقق مناورة جوايدو إلا قليلاً، فقد قتل شخص وجرح عشرات بالرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية خلال اضطرابات انتشرت بخمس ولايات على الأقل على امتداد البلاد. وفي حادثة رصدتها الكاميرات، هاجمت سيارة مصفحة جماعة من أنصار جوايدو بالعاصمة.
وتمسك مادورو- في تغريدة على تويتر- بموقفه متعهدا التحلي «بأعصاب من فولاذ». وأكد على أنه مازال يحتفظ «بالولاء الكامل» لقوات الأمن رغم شائعات عن احتجاز عدد معين من كبار الضباط ذوي علاقة بالمؤامرة وأيضا انشقاق قائد الشرطة السرية. وأوضحت تقارير أن 25 جنديا على الأقل من جيش فنزويلا انشقوا واحتموا بالسفارة البرازيلية لكن ليس هناك تمرد واسع النطاق في القوات المسلحة. وصرحت شانون أونيل الخبيرة في شؤون فنزويلا في «مجلس العلاقات الخارجية» البحثي لواشنطن بوست يوم الثلاثاء أنه «إذا فشل جوايدو ولوبيث في شق صفوف الجيش وجذب كبار الرتب إلى جانب قضيتهم سيكون هناك سؤال كبير عما سيحدث لهما شخصيا ولقضية المعارضة بشكل أوسع. فقد ينتهي بهم الحال اليوم في السجن أو أسوأ من هذا».
وانتشرت تقارير مفادها أن بعض المسؤولين العسكريين الكبار داخل النظام وافقوا ضمنا على الانضمام إلى الانتفاضة لكنهم تراجعوا لأسباب مازالت غير واضحة. واحتمى لوبيث في السفارة الشيلية في كاراكاس مخافة احتمال الاعتقال مرة أخرى. وذكر معاونون مقربون من جوايدو أنه آمن لكن لم يكشفوا عن مكانه لأسباب أمنية. واحتشد أنصار مادورو أمام القصر الرئاسي بينما وصف زعماء الحكومة ما حدث بأنه مؤامرة فاشلة نفذتها مجموعة صغيرة من المتآمرين العسكريين.
وفي الولايات المتحدة، صرح بومبيو لشبكة سي. إن. إن. إنه علم أن مادورو كان يستعد لمغادرة البلاد إلى هافانا لكن الكرملين أثناه عن ذلك وشجعه على البقاء. ورفض مادور هذا في ظهوره على التلفزيون الحكومي في وقت متأخر من يوم الثلاثاء واصفا أحداث يوم الثلاثاء بأنها انقلاب «فاشل» حرضت عليه الولايات المتحدة. وفي تغريدات ومقطع مصور نشره البيت الأبيض أشار بولتون إلى أن مسؤولين كبار من نظام مادورو من بينهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيث ربما تفاوضوا سرا مع جوايدو لكنهم نكثوا عهدهم بدعم الانتفاضة. لكن «بادرينو» ظهر في بث مباشر مرتدياً الزي العسكري المموه بجانب صورة لـ«مادورو» قائلاً «أيها الفنزويليون لديكم قواتكم المسلحة، عليكم ألا تقعوا فريسة الأنباء الكاذبة التي تحاول إرباككم. إننا نحميكم».
*كاتب أميركي متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»