وفق منظمي استطلاعات الرأي والصحافيين السياسيين، فإن دينامية غير مشجعة طغت على المراحل الأولى من الانتخابات التمهيدية الرئاسية الديمقراطية: استبعاد الناخبين للنساء المرشحات باعتبارهن «غير قابلات للانتخاب». ومثلما شرحت آمبر فيليبس في صحيفة «واشنطن بوست»، فإن الناخبين الديمقراطيين يقولون إنهم إذا كانوا هم أنفسهم قد يدعمون إليزابيث وارن، وكمالا هاريس، ونساء أخريات ترشحن للانتخابات الرئاسية، فإنهن يخشين ألا يمنح أشخاص آخرون، أصدقاؤهم وجيرانهم والكثير من الرجال في حياتهم، امرأةً فرصةً عادلة في مواجهة الرئيس ترامب.
عاطفياً، مثل هذا التحفظ منطقي، فخسارة هيلاري كلينتون تركت جرحاً مستمراً. واليوم، وبعد ثلاث سنوات، تبدو الذاكرة مثل إشارة تحذير على الخطر، تحذير من أنه على الرغم من رغبة بعض الأميركيين في ذلك، إلا أن هذا البلد ما زال غير مستعد لانتخاب امرأة للرئاسة.
ولكن أيها "الديمقراطيون"، من أجلكم ومن أجل بلدنا، أناشدكم: اطردوا مثل هذه الأفكار التي لا طائل من ورائها! إن تجاهل امرأة مؤهلة لأنك تتوقع أن تكون لكارهي النساء مشكلة معها، هو تعريف للمجتمع الأبوي الذكوري بالضبط. ثم إنه من خلال قيامكم بذلك، فإنكم تتخلون لأعداء المساواة عن صناديق الاقتراع وتديمون الدينامية التي أعطتنا 45 رئيساً رجلاً على التوالي.
لكن هذا ليس كل شيء. ففي دورة 2020، هناك شيء آخر ينبغي الانتباه إليه. واليوم، فإن الشك في قابلية شخص للانتخاب لأنه امرأة ليس أمراً مجحفاً فحسب، بل متخلف تماماً. وهذه السنة، الرجال هم الذين ينبغي أن يشك المرء في قابليتهم للانتخاب.
وبالنظر إلى عدد النساء المؤهلات جداً اللاتي ترشحن حالياً، وبالنظر إلى أدلة حديثة غير قابلة للدحض على أن كره النساء متفش في المجتمع الأميركي على كل المستويات، فإن النساء هن اللاتي يستطعن تقديم الحجج السياسية القوية والمقنعة على أن شخصاً من نوعهن يجب أن يدخل البيت الأبيض. وفي هذه الأثناء، سيتعين على كل رجل مرشح للانتخابات الرئاسية أن يأتي بجواب ذي مصداقية لهذا السؤال البسيط: بعد كل الأشياء التي تعلمناها للتو بخصوص كيف قضى التحيز على أساس النوع بشكل ممنهج على زعامة النساء في أميركا، هل يمكنكم أن تعطونا سبباً وجيهاً واحداً يفسر لماذا ينبغي أن يكون الرئيس المقبل رجلاً مرة أخرى؟
لقد أمضيتُ الكثير من الوقت في التحدث مع الناس من عالم السياسة وخارجه حول هذا السؤال، ولم أسمع جواباً مقنعاً عليه. وهكذا، أصبح لدي تحيز معاكس: سيكون خطأً فادحاً أن يرشح الديمقراطيون رجلاً ليكون ممثلهم ضد ترامب، وسيكون مأساوياً بالنسبة للولايات المتحدة أن تنتخب رجلا للرئاسة في 2020، سواء أكان ترامب أم بايدن أم بيتو أم بوتيجيج أم بيرني.
وإلى ذلك، فالمناخ السياسي للنساء المرشحات أصبح ملائماً أكثر في السنوات الأخيرة. ففي ظل ما كشفته حملة #أنا-أيضاً، أصبح عدد كبير من الأميركيين يفهمون التفشي المضر لكراهية النساء في المجتمع.
واليوم بات موضوع النوع في صميم الحياة السياسية. وهناك هوة ضخمة من حيث النوع، معظم الناخبين في 2018 كن من النساء، وحوالي 60? منهن صوتن للديمقراطيين، كما أن معظم المال والتنظيم والجهد على اليسار كانت تحرّكه حركةٌ نسوية واسعة مولودة من جديد. وليس على اليسار فقط: فوفق مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي، فإن «الطريقة التي تعامل بها النساء في المجتمع الأميركي»، كانت من أهم المواضيع بالنسبة للناخبين في 2018، قبل سياسات الأسلحة، والضرائب، وعدم المساواة في الثروة، والتدخل الروسي في الحياة السياسية الأميركية.
وهذه الحركة النسوية الجديدة يفترض أن تقلب التحيز التلقائي، فالنساء المرشحات هذا العام مؤهلات لدخول البيت الأبيض. فقد فزن بسباقات انتخابية على صعيد الولايات، ونجون في انتخابات تمهيدية وحشية، ودافعن عن سياسات عامة جديدة ورائدة. والحق أنني لا أستطيع تصور كثير من المرشحين الذكور يقدمون حججاً مقنعة بأنهم سيكونون مدافعين أكثر نجاحاً عن الطاقة النسائية التي تغذي اليسار اليوم من أي من هؤلاء النساء الموهوبات.

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/05/08/opinion/woman-president.html