الحرب نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر، من القوى المتعارضة التي لديها رغبة في مواجهة الطرف المتعنت أو الرافض لمطالب الطرف الآخر الساعي لإملاء شروطه عند حدوث الخلاف. ويبدو أن سيناريو حرب إيرانية أخرى قد بدأ يطل برأسه من جديد، وربما بقوة أكثر فتكاً وتعقيداً. وقد بدأت طبول الحرب تدق في مياه الخليج العربي الساخنة، لأسباب ومعطيات مشابهة، ألا وهي تعنت النظام الإيراني الذي كان سبباً في حرب الخليج الأولى التي عانينا منها طوال الثمانينيات. إنه الجار السيئ المؤذي الذي أشعل المنطقة بنيران الطائفية والمذهبية، باسم الدين، والدين براء من هذا التطرف والإرهاب اللذين حلا بالمنطقة على يدي نظام الملالي. لقد صدّر ذلك النظامُ الإرهابَ والفكرَ المتطرفَ والكراهيةَ، وما فتئ يريد «تصدير الثورة» بالقوة. ورغم محاولات دول الخليج، احتواء هذا الجار المؤذي والتصالح معه بكل الطرق السلمية والدبلوماسية، إلا أنه أمعن في غيه وواصل احتلاله للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، ورفض كل المساعي السلمية من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتتوافر اليوم كثير من القرائن على وقوف النظام الإيراني وراء الاعتداء على السفن التجارية في الخليج العربي مؤخراً، ليظهر مرة أخرى ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأنظمة والأعراف التي تعتبر المياه الخليجية الإقليمية ممراً مائياً حيوياً دولياً خاضعاً لحماية القانون الدولي، للحفاظ على مسار شريان الحياة بين الدول والشعوب.
وجرّاء هذه الممارسات العدوانية الإيرانية المتغطرسة، يحدث ما نلاحظه اليوم من تهور وتصعيد، ومن بوادر نشوب حرب قادمة بالمنطقة ضد نظام الملالي وتهديداته المستمرة للملاحة الدولية، ومن هذه البوادر إرسال البوارج والبواخر وحاملات الطائرات والحشود العسكرية إلى المنطقة وغيرها من الاستعدادات العسكرية واللوجستية، لاحتمال وقوع مواجهة أخرى في الخليج العربي لا يعلم نهايتها وعواقبها إلا الله.
لقد أصبحت منطقتنا حلبة مصارعة للأقوياء، ومسرحاً مفتوحاً للعمليات العسكرية منذ قيام نظام الملالي في طهران، وسياساته الرامية لتصدير الإرهاب وإذكاء الطائفية. فهل قدرنا، لأننا في موقع استراتيجي حيوي ومهم، أن ندفع ثمن ذلك في كل مرة من سكينتنا، أم لأننا بدأنا نطور بلداننا ونبني نهضةً عمرانيةً وثقافية وفكريةً وحضاريةً نموذجيةً، لاسيما في دولة الإمارات، لذلك تستهدفنا أنظمة التأجيج والصراع الأيديولوجي التي لا تريد لنا نجاحاً ولا تطوراً؟!
ما نشاهده اليوم من أحداث وتطورات، لاسيما الاعتداءات والأعمال التخريبية ضد السفن والبواخر في الخليج، وكذلك الاعتداءات الحوثية بحق مواقع مضخات أنابيب النفط السعودية.. ينذر بوقوع حرب قادمة شبه مؤكدة، ويذكّرنا بحرب حاملات النفط أيام الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات دون توقف، وكانت خسائرها البشرية والمادية هائلة وعميقة في الطرفين.
فهل يتجدد نفس السيناريو مرة أخرى في المنطقة، والتي هي أصلا تعيش توتراً وقلقاً جرّاء التدخلات الإقليمية والشحن الطائفي القادمين مع إيران  المؤذية منذ أن بدأت تهب من الشرق في أواخر السبعينيات؟!

*كاتب سعودي