في عهد الشاه كانت إيران تصدر من 6-7 ملايين برميل من النفط الخام، وعند حلول عهد «الخميني» قامت إيران بتصدير سلعتين رئيستين: «الثورة» أولاً والنفط تالياً، بمقدار 4 ملايين برميل وهي حصتها في «أوبك»، والمفارقة هنا هي أن إيرادات النفط معظمها كانت تنفق على تصدير «الأيديولوجيا» بدل التكنولوجيا كحال الأمم المتقدمة.
والنتيجة الحتمية كانت في إفقار الشعب قبل أن تتخذ أميركا قرارها بتصفير صادرات النفط الإيرانية، والتي تبلغ اليوم قرابة مليون برميل.
قبل فرض أي عقوبات اقتصادية على النظام الإيراني، كان «الخُمُس» طوقاً مالياً ملتفاً حول رقاب الشعب الإيراني، فمن لا يملك نصاب الزكاة، فمِن أين له دفع الخُمُس.
كيف افتقر الشعب الإيراني في العهد «الثوري»؟ نبدأ من السكان الذين يبلغ عددهم الآن قرابة 100 مليون نسمة، والذين يحسبون في عداد الفقراء قرابة 30 - 40 مليون، ومن يعيشون تحت خط الفقر منهم يقتربون من 15 مليون.
أين يتم بعثرة المال الإيراني؟ القسم الأعظم بيد المرشد الذي تقدر ثروته الخاصة بـ 200 مليار دولار وفق أحدث التقارير، وهو أول صندوق غير سيادي يمشي على الأرض، وما بقي منه يقع تحت سيطرة «الحرس الثوري»، الذي يدير وحده أكثر من خمسمائة مصنع يحتكر من خلالها الكثير من المنتجات والمواد الاستهلاكية الضرورية لأفراد الشعب، الذي لا يملك خيارات أخرى متاحة بسهولة، وتبلغ ثروة هذا الحرس أكثر من 100 مليار دولار.
ويأتي تجار «البازار» للتحكم باقتصاد إيران في موجة احتكار، يصعِّب على الشعب معيشته، في الوقت الذي يعاني أكثر من 40% من البطالة.
ووجه الغرابة هنا أن أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق هو الذي يشير إلى الإمبراطورية المالية للمرشد، وهو الذي جرى في عهده اتهام مدير مكتبه بالفساد المالي بما يقارب 2 مليار دولار.
أما ما يدعو العالم إلى الوقوف ضد سياسات إيران الخارجية، فليس الشأن الداخلي، بل الامتداد الميليشياوي في دول الجوار وصولاً إلى ما وراء البحار، من لبنان إلى الأرجنتين.
نبدأ بالحزب الحميم لإيران الملالي «حزب نصر الله» باعتراف ولائه التام لولاية الفقيه الإيراني ولا ولاء للبنان الوطن وللحكومة أو الدولة. وتقدر ميزانية «حزب الله» بـ 700 مليون دولار، ويشكل الدعم الإيراني 80% منها، وفي حربه ضد إسرائيل دفعت إيران للحزب قرابة 2 مليار دولار.
وفي سوريا، إيران تمارس البحبوحة المالية تجاه نظام يُهجّر ويعوِّق شعبه منذ أكثر من سبع سنوات عجاف، لم تتخللها سنة سمينة على السوريين.
فالإنفاق العسكري الإيراني في سوريا يُقدر سنوياً بأكثر من مليار دولار، وأما إمداد قوات الأسد بالنفط ومشتقاته فيقدر بثلاثة مليارات دولار سنويا.
وعلى صعيد الإمدادات الغذائية واللوازم الطبية، وفق إعلان «ظريف» فتصل سنوياً إلى نحو 2.5 مليار دولار.
و ما يتعلق بالأموال المحوّلة إلى النظام الحاكم في دمشق فهي تقترب سنوياً من 6 مليارات دولار، وفي بند «أموال الطوارئ»، فقد أنفقت إيران في 2012-2013 ما يقدر بـ 15 مليار دولار.
ويكفي أن «فرقة الفاطميين» التي تشكلت من 12 ألف من قوات المرتزقة، تُكلف إيران ما يقارب المليار دولار سنوياً، وبهدف المحافظة على بقاء 13 ألف من قواتها النظامية الذين يتحركون تحت غطاء المستشارين والفنيين في سوريا، فإن التكلفة السنوية تدور حول 3 مليارات دولار.
فمجموع هذه الأموال يصل إلى قرابة 31 مليار دولار سنوياً، يستقطع من جسد الشعب الإيراني ليصرف في رئة النظام السوري، وفوق ذلك كله يأتي الشيك الخاص لخامنئي في بداية «الربيع السوري» وقدره 5 مليارات دولار لرأس النظام.
فأقل مبلغ تصرفه إيران على «الحوثيين» في اليمن، وبصفة يومية يقدر بـ 30 مليون دولار، أي قرابة مليار دولار في السنة. فأما إذا ذهبنا إلى إجمالي ما أنفقه النظام الحاكم في إيران منذ انتهاج تصدير «الثورة» من أجل إضعاف المستضعفين في الأرض خلال أربعين عاماً، فهو يقترب من 3 تريليونات دولار مسحوبة من عرق الشعب الإيراني الذي زاد استضعافاً في الأرض، ترى ما علاقة أميركا بهذا النوع من التفقير؟!