لماذا تذهب إلى المسرح؟ هل المسرح جزء منك أم منفصل عنك؟ هل المسرح يعكس الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مجتمعك؟ وإذا ضحكت وصفقت بين الجمهور. على أي شيء تضحك وتصفق؟ هل المسرح وسيلتك الترفهية أم أنها غايتك التثقيفية؟ يقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تأكيد منه على أهمية ما يقدمه المسرح ومكانته في المجتمع: «الجمال المكتمل لا يتوافر في فن من الفنون بقدر ما هو عليه في المسرح». ولهذا فإن  الألماني يرتولت بريخت هو أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في المسرح العالمي، يقول «اعطني مسرحاً وخبزاً أعطيك شعباً عظيماً». «أبو الفنون» عالم ذو فكر يطرح تساؤلات تسوق بك إلى المعرفة اللامتناهية. فالقضايا المطروحة على خشبة المسرح تثير فضول الإنسان للقراءة، والقراءة تزيد المعرفة. فهذه التساؤلات تقودك إلى تكوين معرفة مطلقة.
ولكن ليس كل ما يعرض على خشبة المسرح يجذب المتفرج إلى البحث وإثارة التساؤلات. فالبعض منها يندرج ضمن الكوميديا رخيصة المضمون. فالكوميديا التي تعرض على المسرح أما أن تكون هرجية، لا تتضمن قيمة معرفية للمتفرج، ويغلب عليها أسلوب التهريج، أو أن تكون ذات مضمون عميق يتهكم فيه الممثلون من بعض القيم والسلوكيات والعادات المنتشرة في المجتمع وبين أوساط البشر بطريقة ساخرة. وفي هذا السياق، تفرق الكاتبة «نهاد صليحة» بين صنفين من الضحك في عالم الكوميديا: التصنيف الأول تشير إليه بالعروض الهزلية، هذا النوع من العروض هدفه الضحك من أجل الضحك، ومضمونه سطحي، ويعتمد بدرجة كبيرة على الحركات الجسدية للممثل. ونجاح هذا النوع من الكوميديا يعتمد على قدرة الممثلين على أن يكونوا مهرجين بارعين وقادرين على صناعة الضحك على وجه المتفرجين. وفيه يبدد ويستهلك المتفرج وقته وعضلات فكه من أجل الضحك وصرف عقله عن التفكير. أما التصنيف الثاني، فيُشار إليه بالعروض الراقية التي ترتقي إلى الأدب المسرحي وهي تضحكك من أجل أن تستفز تفكيرك في القضايا المطروحة على خشبة المسرح. يذكر الكاتب «هنري برجسون» في كتابه الضحك «الكوميديا تسمو كلما مالت إلى الامتزاج بالحياة، وهناك مشاهد كثيرة من الحياة الواقعية تقترب من الملهاة الراقية، بحيث يمكن للمسرح أن يستعيرها»، وفي بعض العروض التي تعرض في مهرجانات الشارقة المسرحية تمتاز بأنها ملهاة راقية، وساخرة ومتهكمة من الواقع المُعاش. ومن بين هذه العروض ما يخرجه المبدع حسن رجب والذي يندرج ضمن الكوميديا الراقية. فعلى صعيد المضمون تتميز عروضه بطرح القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المهمة والمعاصرة والتي لا تخلو من دلالات ورموز تستفز تفكيرك طيلة العرض، علاوة على بساطتها وقربها من الجمهور.

أهمية العروض المسرحية، عموماً، تبرز في أنها ليست مجرد منوعات تشعرك بالاغتراب عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولم تخصص للتسلية لتأخذ جرعة من الضحك تنسيك همومك الحياتية. وفي هذا الصدد، يقول تركي الدخيل، سفير المملكة العربية السعودية في الإمارات «إن الضحك سلعة غالية، شغفُ الناس من أجلها وهي من المشتركات الإنسانية» ولأنها سلعة غالية يجب أن توظف بذكاء في العروض المسرحية. ويؤكد الكاتب المسرحي عباس الحايك بأن حاجة الناس للترفيه ضرورة، ويجب أن لا تستغل باسم المسرح الكوميدي (التجاري) الذي يجعل من السخرية والاستهزاء وسيلة للضحك من أجل تحقيق إيرادات مالية. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أن هناك مسرحيات هزيلة تستخف بعقولنا فقط من أجل الضحك أو الضحك علينا، علاوة على تعليقات خارجة عن النص لا فائدة منها. فإن لم يكن النص المسرحي مرتكزاً على قضايا إنسانية، يوظف فيها الضحك بذكاء، فهي سلعة رخيصة.
*أستاذ مساعد بأكاديمية الإمارات الدبلوماسية