في أبريل الماضي، عُقدت الانتخابات البرلمانية في إسرائيل. وحصل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على تأييد محتمل من الأحزاب اليمينية الصغيرة يكفي لتشكيل حكومة جديدة. لكن بعد أسابيع من المحاولات، عجز عن فعل ذلك، ومن ثم، من المزمع عقد انتخابات جديدة في سبتمبر المقبل، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ البرلمان الإسرائيلي.
وهذه الأحداث تجعل من المحتمل أن يتم تأجيل إعلان إدارة ترامب «خطة السلام» التي طال الحديث عنها من أجل التوصل إلى حلّ للقضية الفلسطينية، إلى حين تنصيب حكومة جديدة في إسرائيل، لكن على رغم من ذلك، قد تجري مناقشات تمهيدية بين إسرائيل وبعض الدول العربية في البحرين في نهاية يونيو الجاري بهدف النظر في الجوانب الاقتصادية للمقترح الأميركي. ودعت الولايات المتحدة إلى عقد الاجتماع، لكن حتى الآن لم يوافق الفلسطينيون على المشاركة لأن الاجتماع لن يتناول العناصر السياسية المحورية في أي اتفاق نهائي يمكن أن يفضي إلى تسوية.
وحتى الآن، لم يتم الإفصاح عن تفاصيل خطة السلام الحقيقية بقيادة «جاريد كوشنر» صهر الرئيس ترامب، لكن تمت مناقشة بعض العناصر. وفي حوار مع «روبرت ساتلوف» رئيس معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهي مؤسسة بحثية مؤيدة لإسرائيل، أشار كوشنر إلى أن الخطة ستقدم حلولاً فعلية للقضايا المحورية الخاصة بعملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك الوضع النهائي للحدود ووضع القدس واللاجئين الفلسطينيين والترتيبات الأمنية طويلة الأمد. وسينصب التركيز على المخاوف الأمنية الإسرائيلية وخطط التنمية الاقتصادية للفلسطينيين. وتلك الخطط ستعتمد بقوة على مساهمات دول الخليج العربي بدلاً من الولايات المتحدة. لكن لا يمكن توقع ضخ الأموال من دن إجراء إصلاحات كبرى داخل منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل مزيداً من القواعد الملزمة قانوناً فيما يتعلق بحقوق الملكية.
وعلى الرغم من ذلك، يعتقد كثير من المتخصصين والخبراء الأميركيين أن الخطة لا يمكن أن تجدي ما لم وحتى يتم التوصل إلى حل بشأن الأبعاد السياسية الجوهرية، بما في ذلك قضية الحدود النهائية. وعلاوة على ذلك، هناك قدر كبير من القلق من أنه بتقديم خطة من المرجح أن يرفضها الفلسطينيون صراحة سيتم تقويض عنصرين أساسيين من عناصر السياسة الأميركية في الشرق الأوسط حققا نجاحاً جيداً حتى الآن. الأول: هو التعاون الأمني المستمر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لمنع العمليات الإرهابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والثاني: هو التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة وكثير من الدول العربية من أجل وضع ضغوط اقتصادية على إيران لكي تتخلى عن كثير من سلوكياتها العدوانية في المنطقة، لاسيما في كل من سوريا واليمن.
ووصف «روبرت ساتلوف» خطة «كوشنر» للسلام بأنها ستكون كارثة وأنه لابد من وأدها قبل الإعلان عن تفاصيلها. ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو» في اجتماع مغلق في الثامن والعشرين من مايو الماضي مع قادة المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، «بصراحة إن الخطة قد تكون غير قابلة للتطبيق، خصوصاً إذا ما توجب تأجيلها إلى ما بعد عقد انتخابات إسرائيلية جديدة». وبحلول الوقت الذي تصبح فيه لإسرائيل حكومة جديدة سيكون متبقي أقل من عام واحد على عقد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وطرح مقترح مثير للجدل بشكل كبير مثل خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحظى بتغطية واسعة النطاق في ذلك التوقيت قد يكون فكرة سيئة بالنسبة لحملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب.
وبغض النظر عن توقيت الانتخابات، فإن الانتقاد الأساسي لخطة «كوشنر» هو ترددها في إظهار تعاطف مع مطالب الفلسطينيين بشأن ترسيم واضح للحدود التي يمكن أن تصبح في نهاية المطاف جزءاً من الدولة الفلسطينية. كما أن الإخفاق في الأخذ في الحسبان التاريخ الحافل لهذه الأزمة المستفحلة والرفض القوي من قبل كثير من الدول العربية للجهود الرامية إلى «شراء ذمم» الفلسطينيين بالأموال سيكون كافياً للقضاء على ذلك المقترح. وبناء على ذلك، قد يكون الأصوب ما ذهب إليه «ساتلوف» وآخرون أن عدم خروج خطة «كوشنر» تلك إلى النور أفضل بكثير من أن تسبب رفضاً سياسياً واسع النطاق في أرجاء منطقة الشرق الأوسط، وأن تقدم لإيران حججاً سياسية لمجابهة ما تراه تحديات من قبل دول الخليج العربي.