أدى رئيس الوزراء ناريندرا مودي اليمين بوصفه رئيس الوزراء السادس عشر لولاية ثانية في حفل كبير أمام أكثر من 8 آلاف شخص، بما في ذلك زعماء أحزاب المعارضة وشخصيات من مناح حياتية مختلفة في ساحة قصر الرئاسة، مسجلاً بذلك عودة السياسي البالغ 68 عاماً من جديد إلى السلطة. وفي محاولة للانفتاح على الإقليم، كان مودي قد وجّه الدعوة إلى زعماء «مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي متعدد القطاعات»، التي تتألف من سبعة بلدان من جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا مثل تايلاند وميانمار وسريلانكا. كما كان رئيس قرغيزستان سورونباي جينبيكوف أيضاً من بين المدعوين لحفل أداء اليمين.
الرئيس الهندي أشرف على أداء مودي و58 وزيراً آخرين لليمين. وعلى الرغم من أن أغلبية الوزراء كانوا من «مجلس الوزراء» السابق، إلا أن أكثر من 24 وجهاً جديداً انضموا إلى الحكومة الجديدة. وكان هذا مؤشراً واضحاً على أنه إلى جانب التفكير في تمثيل أعضاء البرلمان المنتخَبين حديثاً لولايات مختلفة من البلاد، فإن تركيز رئيس الوزراء كان منصباً أيضاً على أداء وزرائه خلال السنوات الخمس الماضية. ونظراً لأن «مودي» عاد إلى السلطة بتفويض شعبي كبير، فإن الرسالة كانت قوية ومفادها أنه هو فقط من سيختار أعضاء حكومته.
ومن بين أبرز القادمين الجدد إلى مجلس الوزراء الجديد «أميت شاه»، البالغ 54 عاماً، رئيس حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم الذي يُعد السياسي الأقوى في البلاد بعد «مودي»، وقد مُنح مسؤولية وزارة الداخلية، حقيبة اكتست أهمية أكبر عقب حملة انتخابية ركزت على تعزيز أمن الهند الداخلي ومعالجة مشكلة الإرهاب العابر للحدود. أميت شاه كان وزير داخلية ولاية جوجرات عندما كان «مودي» كبير وزراء الولاية، ويُعد صديقاً مقرباً من «مودي»، وكان قد قاد حزب «بهاراتيا جاناتا» إلى عدة انتصارات انتخابية. وعلى غرار «مودي»، أمضى «أميت شاه» سنواته التكوينية الأولى في «راشترايا سيواك سانج»، وهي المنظمة الأم التي تمثل المنبع الإيديولوجي للحزب الحاكم. ويواجه «أميت شاه» تحدي التعاطي مع الأوضاع الأمنية المتدهورة في كشمير، حيث يمكن أن يؤدي وعد الحزب خلال الحملة الانتخابية بإزالة الوضع الخاص الممنوح لكشمير إلى مشاكل هناك. ذلك أنه إذا طبق ذلك الوعد، فإن الولاية التي تعاني من العنف أصلاً ستعرف مزيداً من زعزعة الاستقرار.
ومن بين التحديات الكبيرة التي يواجهها مودي أيضاً تعزيز جهود محاربة الإرهاب عقب الهجوم الإرهابي الكبير في سريلانكا المجاورة، الذي أشر إلى تنامي كوادر تنظيم «داعش» في جنوب آسيا.
غير أن إحدى المفاجآت الكبيرة في تشكيلة مجلس الوزراء الجديد كانت وزير الخارجية الهندي السابق جايا شانكار، الذي كان أيضاً السفير الهندي إلى الصين والولايات المتحدة. شانكار خلف سوشما سواراج كوزير للشؤون الخارجية الهندي الجديد، ما يؤشر إلى أن رئيس الوزراء كان منفتحاً على جلب مواهب وكفاءات إلى مجلس الوزراء. وتعود علاقة جايا شانكار بمودي إلى أكثر من عقد من الزمن عندما سهّل زيارةَ مودي إلى الصين ككبير وزراء ولاية غوجرات. وإذا كانت العلاقات مع باكستان قد لا تشكّل أولوية فورية في السياسة الخارجية، فإنها تظل جمرة مشتعلة تحت الرماد. كما تواجه العلاقاتُ الوثيقة مع الولايات المتحدة أيضاً تحدياً جراء الإجراءات التجارية الأميركية، بما في ذلك أحدث خطوة لتعليق برنامج تفضيل تجاري مع الهند. كما ستشمل قائمة أولويات جايا شانكار، الذي عمل مع مودي عن كثب كوزير للخارجية، تعزيز الروابط مع آسيا الغربية، وخاصة مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ويضم مجلس الوزراء الجديد وجوهاً مألوفة مثل راج ناث سينغ، وزير الداخلية السابق، الذي تسلم حقيبة الدفاع، ونيرمالا سيتارامان، وزيرة الدفاع السابقة التي تولت حقيبة المالية. ويواجه «مودي» تحديات فورية على الجبهة الاقتصادية. ذلك أن إحداث الوظائف لم يواكب ملايين الهنود الذين يدخلون سوق العمل كل سنة. كما شهدت الهند الريفية مشاعر غضب، حيث يعاني المزارعون من تدني أسعار منتجاتهم وتراكم الديون. ووسط هذه المشاكل الاقتصادية، سينصب التركيز على وزارة المالية بقيادة نيرمالا سيتارامان، التي ستواجه التحدي المزدوج المتمثل في تباطؤ الاقتصاد واستفحال البطالة.
اختيار سيتارامان كوزيرة للمالية ينظر إليه على أنه مفاجأة ويؤشر إلى أهميتها المتنامية كزعيمة. وقد كانت المتحدثةَ الرسمية باسم الحزب الحاكم، ثم وزيرة للتجارة، فوزيرة للدفاع. وقد خلفت آرون جيتلي، الذي تراجع عن الانضمام إلى مجلس الوزراء بسبب ظروفه الصحية السيئة.
وفي ولايته الثانية، ينتظر كثيرون لرؤية ما إن كان رئيسُ الوزراء الهندي سيستطيع معالجة مواضيع حساسة داخلياً مثل تبسيط عملية امتلاك الأراضي أو إصلاح قوانين العمل من أجل تبسيط التوظيف والتسريح. ولهذا، فمن الواضح أنه سيتعين على «مودي» ومجلس وزرائه الانكباب على العمل بحماس وهمة.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي