مع مرور الأيام يتكشّف المزيد من العبث القطري في معالجة المسائل الشائكة والبسيطة على حد سواء التي تواجه نظام الحكم في قطر وتعقد المسائل أمام المواطن القطري. وآخر التخبطات المرافعة التي قدمت مؤخراً أمام محكمة العدل الدولية والتي يدعي فيها افتراءً بأن الإمارات لا تقبل طلبات الزيارة التي يتقدم بها القطريون لزيارة الدولة.
لكن ما قدم يكشف عن زيف وتزوير متعمد في وثائق الادعاء قامت به اللجنة القطرية لحقوق الإنسان.
وذكرت أنباء وردت من دهاليز المحكمة أن الدفاع القطري أمامها احتار في تفسير أسباب حجب حكومة قطر المتعمد للموقع المختص بقبول طلبات الزيارة للمواطنين القطريين للإمارات.
والسؤال الذي تبادر إلى الذهن مباشرة حول مثل هذه المواقف المرتبكة وغير السوية هو: وماذا بعد، وإلى أين تسير قطر في ظل ما يحدث فيها الآن على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد علاقتها بجيرانها العرب وبالعالم؟ الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الداخلي، رغم ما يغلفها من ركود، هي متردية وتسير نحو الانحدار المتصل بفعل مؤثرات كثيرة يتم التطرق لها من قبل العديد من المراقبين للشأن القطري من خليجيين وعرب وأجانب.
أما على صعيد علاقاتها مع الخارج، ولو تجاوزنا المرحلة اللاواقعية لنظام الحمدين المنصرم قبل 25 يونيو 2013، فسنلاحظ استمرارية النظام الحالي في ممارسة سياساته التي ترمي إلى تحقيق أهداف رسمها النظام السابق تقوم على دعم جماعة «الإخوان» وجماعات التطرف والإرهاب الأخرى، وبث ما يسمى بـ «الفوضى الخلاقة» في دول العالم العربي - ليبيا في الوقت الراهن - وما يمكن الوصول إليه من دول أخرى فيها جاليات مسلمة كثيرة العدد.
لكن مثل هذه الأهداف حجمت الآن وتقلصت وتحدث على مستويات أقل حدة، وأقل اتساعاً في طبيعة المواجهة مع الآخرين لسببين هما: شح الأموال السائلة المتاحة التي تستخدم في دعم المتطرفين والإرهابيين والمخربين بسبب الأزمة القطرية الداخلية، وآثار الحزم والمقاطعة التي تمارسها دول الإقليم على النظام الحاكم.
ونتيجة للواقع الصعب الذي يعيشه النظام في الداخل ومع جيرانه العرب الأقربين منهم والأبعدين، وبرغم من الحملات الإعلامية الشعواء والمضللة التي يشنها إعلام قطر بكافة فروعه، خاصة البوق الأجوف قناة «الجزيرة»، فإن المعلومات التي تتسرب من الداخل القطري تفيد بأن النظام ونتيجة للاختناقات الشديدة التي يواجهها يحاول أن يجد لنفسه قنوات جديدة توصله إلى مخارج يستطيع من خلالها التفاهم مع دول المقاطعة، خاصة المملكة العربية السعودية، لكي يخفف الضغط عن كاهله ويجد فرصاً لإنهاء المقاطعة القائمة.
وتشير معلومات شبه مؤكدة أن أول المخارج التي يريد نظام قطر الولوج من خلالها هو التركيز على مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال القول بأهميته في لم الشمل الخليجي وما لقطر من أدوار يريد لعبها فيه ومن خلاله.
ويبدو من المحاولة هذه لو حدثت، والتي لم تعلن عنها الدوحة صراحة حتى الآن، ستقوم على عملية إصلاح الخراب وشق الصف التي مارسها النظام القطري بحق المجلس ذاته ككيان أراد هدمه، وبحق دول المجلس الأخرى جماعات وآحاداً.
وربما أن الفكرة القطرية تقوم على التوجه المباشر إلى السعودية وحدها لإصلاح العلاقات معها والبناء على الاتفاقات السابقة معها. وفي تقديري أن هذا لو حدث فهو دليل وإشارة على الاستسلام القطري لشروط المقاطعة. وربما أن النظام القطري يسعى أيضاً إلى التأكيد لحلفائه الإقليميين الذين سيشككون في مزاياه المستقبلية بأنه يلعب على حبل الساحة الدبلوماسية بتذاك، وبأنه لا خطر على مصالحهم لديه، وهذا أمر مشكوك فيه بأن يلقى قبولاً لدى إيران وتركيا.
لكن السؤال الأهم هو: هل ستكون قطر جادة فعلاً في مثل هذا المسار التصحيحي أم هي لعبة جديدة لشق الصف السعودي الإماراتي البحريني المصري؟
*كاتب إماراتي