تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً برفاهية مواطنيها وصحتهم، وهي تحرص على مواجهة بل والتخلص من كل الآفات التي تضر بصحة الفرد وسلامة المجتمع على حد سواء، ومن بينها بالطبع التدخين الذي يُعد من آفات العصر المنتشرة، ومن المشكلات المهمة التي تواجه المجتمعات البشرية كما تواجه المجتمع الإماراتي.
وبرغم كلّ الجهود التي بُذلت للحد من هذه المشكلة، سواء على مستويات وطنية أو عالمية، فإنه لم يتحقق الكثير في سبيل مكافحتها، فما زال هناك أكثر من مليار ومئة مليون شخص (رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً) يتعاطون التبغ.
ومخاطر التبغ كثيرة ومتنوعة، فهو يؤثر بشكل كبير على الصحة، بل ويُعد مسبباً رئيساً للعديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة مثل السرطان، وهو سبب رئيس لوفاة الملايين حول العالم، فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك نحو سبعة ملايين حالة وفاة سنوياً ناتجة عن تعاطي التبغ، ويتعرض متعاطو التدخين للوفاة المبكرة بمعدل عقد تقريباً أنقص عن غير المدخنين. وتأثيرات التبغ الصحية لا تقتصر على المدخنين أنفسهم، بل تتجاوزها إلى الآخرين، خاصة العائلة، وفي مناطق العمل، حيث يضطر الكثير من الناس إلى استنشاق الدخان بسبب وجودهم أو قربهم من المدخنين، هذا فضلاً عن أن التدخين تبقى آثاره ولفترة طويلة في الملابس والأثاث، وغيرها من الأشياء المشتركة بين الناس.
وفوق الخسارة الصحية، هناك بالطبع الخسائر المادية، حيث يُنفِق المدخنون جزءاً لا بأس به من المال على هذه المادة التي لا تأتي منها أيّ فائدة مطلقاً، وفي بعض البلدان ربما يتجاوز ما ينفقه الفرد على التبغ ما ينفقه على الطعام والشراب، ومن ثم يؤثر التبغ على حاجات الناس الضرورية.
ولا تقتصر الخسائر المادية على الفرد أو عائلته، وإنما تتجاوزها إلى المجتمع كله، حيث تنفق الدول أموالاً طائلة لمعالجة آثار التدخين، خاصة الأمراض الخطيرة التي يتسبب بها مثل السرطان وأمراض الرئة، والتي تكلف الدولة أموالاً كثيرة من الممكن استثمارها في مجالات أخرى تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
لهذا كله وغيره، فإن دولة الإمارات تعطي أولوية قصوى لهذه المشكلة، وتعمل على مستويات متعددة لمكافحتها، بل وحتى التخلص منها وتطهير المجتمع من تأثيراتها الصحية وغير الصحية.
وفي هذا السياق، أطلقت دائرة الصحة في أبوظبي قبل أيام حملتها التوعوية لمكافحة التبغ سنوياً، تحت شعار: «معاً نحو أبوظبي خالية من التبغ»، الذي يواكب «اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ» ويصادف 31 مايو من كل عام.
وتهدف هذه الحملة إلى رفع الوعي العام بين المجتمع بمخاطر التدخين والآثار الضارة الناجمة عن تعاطي التبغ، والتعرض للتدخين غير المباشر. وتنطوي هذه الحملة على أهمية كبيرة، فهي تأتي في إطار مبادرات أخرى وسياسات وقرارات اتخذتها الدولة من أجل مكافحة تعاطي التبغ، وتعمل شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» على تقديم رعاية صحية عالية الجودة، وتولي اهتماماً خاصاً للراغبين في الإقلاع عن التدخين، وذلك عبر تسعة مراكز، وقد حققت نجاحات كبيرة في هذا السياق، حيث تمكنت من مساعدة نحو 1800 شخص في الإقلاع عن التدخين خلال عام 2018 والربع الأول من عام 2019.
ويتميز البرنامج الذي تقدمه منشآت «صحة» بمعدل نجاح يزيد على ضعف المعدل العالمي في الإقلاع عن التدخين، ولكي تواصل تحقيق نجاحات كبيرة، خاصة في هذه الحملة، التي تحظى باهتمام كبير، فهي تحتاج إلى تعاون الجميع، أفراداً ومجتمعاً، وهيئات حكومية وغير حكومية، فهناك تصميم ومثابرة على تحقيق أهداف الحملة.
عن نشرة أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية