تمثل «الإسلاموفوبيا»، أي الخوف من الإسلام، الصورة الجديدة للدين الإسلامي وأهله في عيون كثير من الناس في الغرب، وذلك باعتباره «أكبر خطر يهدد الكون»، لذا يعتبر بعض متطرفي يمين هناك أنه لا مفر من الصدام الحضاري مع الإسلام! وعلى خلفية ذلك الاعتقاد زادت جرائم الكراهية ضد المسلمين في الغرب وتعددت أشكالها وتم رسم قوالب نمطية في المناهج التعليمية ووسائل الإعلام تصوّر المسلمين على نحو قريب مما تتصوره «الإسلاموفوبيا» ومروجيها. وكما لاحظ المراقبون، فقد زادت خلال الأعوام الأخيرة الهجمات على المساجد والإساءة للمسلمين وإهانتهم وإلحاق الأضرار بممتلكاتهم وكتابة العبارات المسيئة على دور عبادتهم.. وأصبحت «الإسلاموفوبيا» طاغية على كثير من جوانب الحياة اليومية.
ولعله مما ساهم في استفحال هذه الظاهرة:
1- دور اللوبي الصهيوني في تقديم صورة سيئة عن المسلمين.
2- اقتصار الحديث عن الأخلاق السمحة على بعض الديانات وتجنب الإشارة إلى الأخلاق الإسلامية.
3- وسم الإسلام بالإرهاب والتعصب من خلال تحميله مسؤولية السلوك المتطرف وغير السوي لبعض المنتمين له.
4- تركيز وسائل الإعلام الغربية على كل ما هو مسيء للعرب والمسلمين.
ولعل كلمة شيخ الأزهر فضيلة الدكتور أحمد الطيب، التي ألقاها في الاحتفال بمناسبة ليلة القدر مؤخراً، كانت في صميم هذا الموضوع، خاصة عندما قال إن «الإسلاموفوبيا» كلمة «لقيطة»، أنفق علماء المسلمين ومفكروهم وقتاً طويلاً في تفنيدها وكشف زيفها وتهافتها طوال 15 عاماً الماضية، في الندوات والمؤتمرات العلمية وفي ملتقيات حوار الأديان والحضارات.. دون أن يجدي ذلك نفعاً في لجم الآلة الإعلامية الغربية وردعها عن غرس كراهية الإسلام في عقول الشعوب الأوروبية والأميركية، وبأساليب متعددة ما بين أفلام وبرامج وكتب وروايات وصحف ومجلات وغيرها. وتابع الدكتور الطيب: «هذه الكلمة تعني صناعة التخويف من الإسلام، وما كان لها أن تتجذر في وعي الجماهير الغربية لولا التمويل الضخم لدعم (الاستعمار الحديث) وسياسته في الهيمنة والتوحش والانقضاض الجديد على ثروات العالمين العربي والإسلامي، ولولا تقاعسنا نحن العرب والمسلمين عن التصدي الجاد لمطاردة هذه المصطلحات والاحتجاج عليها رسمياً وإعلامياً». ثم أوضح: «من المؤلم أن أقول إن لدينا من الإمكانات المادية والإعلامية من محطاتنا وأقمارنا الفضائية ما يمكن أن ننصف به هذا الدين الذي ينتمي إليه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، لكننا آثرنا اهتمامات أخرى». وتابع: «إننا حتى هذه اللحظة لا نسمع عن فوبيا المسيحية ولا فوبيا اليهودية ولا البوذية ولا الهندوسية، ويقيني أنه لن تجرؤ جريدة أو قناة أو برنامج فضائي، لا في الغرب ولا في الشرق، على مجرد النطق بفوبيا مع ما شاءت من الملل والنحل والمذاهب، فالعصا غليظة وحاضرة، مع أن التاريخ يشهد على أن الأديان كلها نسبت إليها أعمال عنف وأن من هذه الأعمال ما اقترف تحت لافتة ديانات كبرى». وتابع شيخ الأزهر: «لا نريد تأريخ الاحتقان ولا بعث الكراهية بيننا وبين إخواننا من أبناء الأديان والمذاهب في الغرب، لكننا نريد التوقف أمام نقطة فارقة يندر إلقاء الضوء عليها، وهي أننا لا نحمل الدين المسيحي ولا المسيح عليه السلام ولا موسى عليه السلام ذرةً واحدةً من المسؤولية ولا نصم ديناً معيناً من الأديان بوصمة الإرهاب والعنف والتوحش، بل نظل على وعي عميق بالفرق الهائل بين الأديان وتعاليمها وبين سماسرة الأديان في أسواق السلاح وساحات الحروب».