منذ أن التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مع فريق وكالة «ناسا» للفضاء المسؤول عن رحلة أبولو إلى القمر، في سبعينيات القرن الماضي، ودولة الإمارات العربية المتحدة تكثّف اهتمامها بعلوم الفضاء والفلك واستكشافهما، لتكون الولادة العملية لقطاع وطني للفضاء عام 1997، مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات، ثم إنشاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، «مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة»، تلا ذلك بوقت قصير، تأسيس شركة الياه للاتصالات الفضائية «ياه سات» عام 2007، ثم تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، لتطوير قطاع الفضاء، وإقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية، ودفع عجلة أبحاث علوم الفضاء واستكشافه نحو الأمام.
وسيشهد النصف الثاني من العام الجاري مجموعة من الفعاليات، التي تشكل منعطفاً إيجابياً في مستقبل برنامج الإمارات الفضائي، فوفقاً للدكتور محمد ناصر الأحبابي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، سيتم تنفيذ ثلاثة أنشطة فضائية قبل نهاية عام 2019، تتمثل في مشاركة أول رائد فضاء إماراتي في سبتمبر المقبل، ضمن مهمة فضائية، وإطلاق مشروع «مزن سات»، الذي يعدّ أول قمر اصطناعي مصغر بالتعاون بين عدد من جامعات الدولة، وأخيراً الانتهاء من إعداد القمر «ماي سات 2» خلال العام الجاري، الأمر الذي يؤكد نجاح نظرة الدولة تجاه قطاع الفضاء، وتميز رؤيتها المستدامة لمشروع استكشاف الفضاء، عبر منظومة متكاملة، تشريعية ومؤسسية، ستجعلها إحدى دول المنطقة البارزة في هذا المجال على الصعيد العالمي.
إن مواصلة دولة الإمارات استحداث وتنفيذ خطط وأنشطة فضائية، تشير إلى أن السياسات والبرامج الحكومية، التي تحظى بتوجيهات ورعاية من القيادة الرشيدة، تؤتي أُكلها في هذا القطاع، الذي يعتمد في جزئه الأكبر على الكوادر الإماراتية الشابة المؤهلة، وتمتلك حجماً هائلاً من المهارات والمعارف والخبرات في قطاع الفضاء، والتي حققت الدولة من خلاله قفزات مميزة واستثنائية خلال السنوات القليلة الماضية، حتى أصبحت قادرة على المنافسة العالمية من خلاله، حيث يُنظر إلى مركز «محمد بن راشد للفضاء» باعتباره إحدى أهم المؤسسات التي أسهمت في تحقيق تقدم لافت للنظر في مجالات استكشاف الفضاء، والإسهام في تحقيق الطموحات، بإشرافه على برنامج «الإمارات لرواد الفضاء»، وتوفيره أفضل السبل والمقومات لإنجاحه.
كما أن الإعلان عن إطلاق القمر «مزن سات» الصناعي، نهاية العام الحالي 2019، بعد أن تم تطويره من قِبل طلبة في الجامعة الأميركية، في رأس الخيمة وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، وإنهاء طلاب برنامج ماجستير الهندسة في تخصص «نظم وتقنيات الفضاء» في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، تجهيز القمر الاصطناعي «ماي سات 2» خلال هذا العام، يؤكد نجاح الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تنمية قدرات ومهارات الكوادر المواطنة، وإيجاد جيل من الطلبة الشباب الشغوفين بأحدث ما توصل إليه العلم والابتكار في صناعة قطاع فضائي في الدولة، يقوم على الريادة ويصِل بها إلى العالمية، في القيام بتجارب علمية تعود بالمنفعة على البشرية بأكملها.
لقد أصبحت دولة الإمارات، ومنذ إطلاق البرنامج الوطني للفضاء، عام 2017، واعتماد استراتيجية لهذا البرنامج، صاحبة أكبر خطة علمية متكاملة من نوعها في المنطقة، تتضمن إنشاء أول مدينة علمية لمحاكاة الحياة على المريخ، وأول دولة عربية تصنّع الأقمار الاصطناعية بشكل كامل، وتصِل إلى كوكب المريخ عام 2021، وتنشئ مستوطنة دائمة عليه بحلول عام 2117، الأمر الذي يضعها في قائمة الدول المتميزة القائمة على كفاءاتها البشرية الشابة، والتي حظيت بدعم القيادة الرشيدة، من خلال «توفير الإمكانات التي تفتح لهم آفاقاً من الإبداع والابتكار والتفوق العلمي»، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله»، في وقت سابق.

 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.