حظيت الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة، في مجال التعامل مع البيئة، بتقدير دولي كبير، خلال السنوات الأخيرة، حيث عملت أجهزتها الحكومية، وقطاعها الخاص، وجهودها المجتمعية، على الحفاظ على البيئة وتحسين المناخ، من خلال تبني البرامج الطموحة، والرفع من مستوى الوعي الشعبي، والدفع بالمؤسسات التعليمية والأهلية في نشر ثقافة الحفاظ على الوسط الطبيعي، فضلاً عن انخراط الحكومة في العديد من المبادرات الدولية، الرامية إلى الحفاظ على المناخ، وترجمة ذلك على أرض الواقع، بإنشاء المحميات الطبيعية، ومحاربة التصحر وتسيير الموارد المائية، ووضع سياسة فعالة للحد من التلوث والانبعاث، التي تؤدي إلى التلوث.
هذه الجهود مجتمعة، وإن كانت تدخل في سياق وعي دولة الإمارات - حكومة وشعباً - بما يخدم بيئتها على المدى المنظور، فإنه قد جعل أنظار العالم تنظر إلى التجربة الإماراتية بإعجاب كبير، وخاصةً أنها نجحت في الحفاظ على التوازن بين متطلبات الحفاظ على البيئة، وضرورة مواصلة العمل في مجال استخراج النفط والكيماويات، وغيرها من الأنشطة ذات الانعكاسات السلبية على البيئة.
ولذا، فإنه لم يكن من المستغرب أن تحلّ دولة الإمارات، خلال العام الجاري 2019، في المرتبة الخامسة من بين 140 دولة، وفق مؤشر «كي بي إم جي» «CRI»، الذي يقيس جاهزية الدول للتغيير، من حيث الاستعداد والاستجابة لمواكبة التغييرات المهمة عالمياً، استناداً إلى 3 ركائز أساسية للقدرة، تشمل المؤسسات والحكومات والأفراد والمجتمع المدني، فاستطاعت الإمارات بذلك أن تكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي احتلت مرتبة متقدمة ضمن المراكز العشرة الأولى، ما جعلها تتفوق على دول متقدمة شملها المؤشر، مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وأستراليا.
وقد أسهم تركيز نسخة هذا العام من مؤشر «كي بي إم جي» على جاهزية الدول نحو تغيرات المناخ، وقدرتها على تحديد المخاطر الناجمة عنه ومعالجتها، في جعل الإمارات تتصدر دول العالم، ذلك أنها - بفضل جهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» - قد استطاعت أن تغير وجه الصحراء وتقهر طبيعتها القاسية، وتجعل منها بيئة جاذبة للبشر، ومكاناً ملائماً للعيش لمختلف الأحياء.
إن السياسات التي تبنتها دولة الإمارات، خلال العقود الأخيرة، قد عكست التزام حكومتها بمعالجة كل القضايا البيئية، فقامت بتطوير برنامج وطني قوي للحد من التغيرات المناخية بحلول عام 2050، يقوم على تحديد الأولويات الاستراتيجية، التي تشمل الحد من مخاطرها وتنفيذ الإجراءات العملية للتكيف معها، كما تهدف الحكومة الإماراتية إلى استثمار نحو 600 مليار درهم، بحلول عام 2050، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد، وتعزيز نموها الاقتصادي المستدام، فيما تشمل رؤية أبوظبي 2030 مهاماً عدة، تتمثل في حماية تراث العاصمة، والحد من تأثير التغيرات البيئية، وضمان وجود هواء نظيف وصحي، وتمكين الإدارة الخبيرة من حماية مصادر المياه، والمحافظة على الكائنات الحية والتنوع البيئي والتراث الاجتماعي، وتعزيز تدفق المواد وإدارة النفايات. كما تهدف رؤية الإمارات لعام 2021 إلى تطوير بيئة وطنية مستدامة ومتنوعة.
لقد ظل الاهتمام بالبيئة والتغير المناخي إحدى أبرز أولويات حكومة دولة الإمارات، فرصدت لذلك الكثير من الموارد والجهد، فعززت بذلك فاعلية أداء وزارة التغير المناخي والبيئة في تنفيذ المشاريع المنوطة بها، وحفزت مختلف الهيئات والإدارات المعنية بتطوير برامج حماية البيئة، وتحسين المجال الإيكولوجي بشكل عام، فمكنت الطواقم المكلفة بإنجاز المشاريع البيئية، من تحقيق أهدافها الطموحة، وتنفيذ خططها وبرامجها واستراتيجياتها بنجاح، حيث تم استجلاب واستزراع العديد من النباتات، كما تم الدخول في شراكات إيجابية مع المحميات الكبرى في العالم، لاكتساب الخبرة وتزويد الفضاء المحلي بمختلف الأحياء البرية، حتى باتت دولة الإمارات، اليوم، من بين أكثر الدول تنوعاً، من حيث وجود الكائنات المهددة بالتناقص والانقراض.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية