كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب متيقناً من أن ما يُسمى بالسياسة الخارجية ستكون سهلة وواضحة، وبالنسبة له، كان من الواضح أن باراك أوباما لم يفعل ما يلزم من أجل التصدي إلى إيران وكوريا الشمالية. وسيوضح ترامب للجميع كيف يمكن القيام بذلك.
فأخبر ترامب الكوريين الشماليين أنه إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى الدفاع عن نفسها وحلفائها من هجوم صاروخي «فلن نجد أمامنا خياراً سوى تدمير كوريا الشمالية تدميراً كاملاً». وفيما يتعلق بإيران، غرّد قائلاً: «إذا أرادت إيران القتال، فإنها ستكون النهاية الرسمية لها».
وبالطبع، هذه تصريحات رئيس لم تكن لديه من قبل سلطة عسكرية، ولديه شعور مبالغ فيه بما يمكن أن ينجزه. وربما أنها لغة شخص يلعب دور القائد الأعلى للقوات المسلحة على التلفاز.
وما نراه في حالة إيران وكوريا الشمالية هو أن الرئيس ترامب لديه حدس صحيح تماماً بشأن قضايا السياسة الخارجية، كما هي الحال في حاجتنا إلى مواجهة الصين بشأن التجارة أو الرغبة في تحسين الاتفاق النووي، لكنه يعكف على مبادرات من دون أهداف نهائية واضحة.
ودعونا نحلل ذلك، فنحن لا نعلم ما إذا كان هدف ترامب سواء في إيران أو في كوريا الشمالية، مثلما أوضح «روبرت يتلواك»، الخبير في شؤون الدول المارقة لدى مركز «ويلسون»، هو «تغيير تحولي للنظام» أو «التوصل إلى اتفاق تصالحي»، حيث سيتعين علينا التخلي عن شيء في مقابل الحصول على شيء آخر.
وفي حالة إيران، بعدما سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، أدلى وزير خارجيته «مايك بومبيو» بخطاب وضع فيه 12 خطوة أساسية على إيران أن تلتزم بها في الداخل والخارج، وهي مطالب ترقى إلى تغيير النظام.
وعلى النقيض من ذلك، لم يخف أوباما طبيعة اتفاقه مع النظام الإيراني في عام 2015. فقد كان محض صفقة، اقتصرت في معظمها على وضع حظر مدته 15 عاماً على قدرة إيران على صنع سلاح نووي. وكان أوباما يأمل، أنه برفع العقوبات الاقتصادية في مقابل تخلي إيران لمدة 15 عاماً عن أي برنامج أسلحة نووية، فإن طهران ستصبح أكثر انفتاحاً على العالم، وستصبح القوى المعتدلة هناك أكثر قوة.
لكن ما لم يتوقعه أوباما أن عدم تحقق الجزء الثاني، فأصبحت إيران قوة أشد عدوانية في المنطقة ضد دول الجوار. لذا، حاول ترامب التفوق على أوباما من خلال البرنامج الذي أفصح عنه «بومبيو» والمكون من 12 خطوة.
ونحتاج إلى حلفاء من أجل التصدي بنجاح إلى إيران التي اتخذت خطوات تصعيدية بمهاجمة ناقلات النفط في خليج عُمان. غير أن ترامب نفّر حلفاء أميركا برسومه الجمركية على منتجاتهم.
وعلى صعيد كوريا الشمالية، يشير «ليتواك» إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تبنت نسختها الخاصة من «الصبر الاستراتيجي» وهو تحديداً ما انتقد ترامب إدارة أوباما بسببه. فقد أغفل ترامب الأدلة المتزايدة على أن نظام «كيم» يواصل تطوير قدرات صاروخية يمكنها ضرب الأراضي الأميركية.
ويضيف «ليتواك» أن طريق الخروج من مأزق كوريا الشمالية هو التحول من الهدف التحولي، المتمثل في نزع كامل للأسلحة النووية، إلى هدف تصالحي يتمثل في تجميد الترسانة النووية لكوريا الشمالية وبرنامجها الصاروخي بصورة يمكن التحقق منها من أجل الحيلولة دون تدهور الوضع السيئ.
وباختصار، فإن التخلص الكامل من الأسلحة النووية ليس مطروحاً على طاولة المفاوضات لأن أسرة كيم الحاكمة في بيونج يانج لطالما اعتبرتها محورية لبقاء النظام.
وعندما سأل «جورج ستيفانوبولوس» من قناة «إيه بي سي نيوز» الرئيس ترامب عن التقارير التي تفيد بانتهاك كوريا الشمالية للتفاهمات مع أميركا، أجاب قائلاً: «لا أعرف، وآمل ألا تكون صحيحة، فقد وعدني كيم بأنه لن يفعل». وهذا ما يحدث عندما يتصرف الرئيس استناداً إلى حدسه وليس إلى خطط مفصلة.
*كاتب أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/06/18/opinion/trump-iran-north-korea.html