تعلمنا في كتب التاريخ أن بلاد اليمن السعيد هي أصل العرب، وأن القبائل العربية اليمنية لعبت دوراً مهماً وكبيراً في انتشار الحضارة العربية وفي انتشار الدين الإسلامي. وعلى الرغم من الجدل حول تلك المعلومة التي ترجع أصل العرب إلى اليمن، إلا أنه من المستغرب في أيامنا هذه غياب الصوت العربي اليمني الحقيقي، عما يجري من مؤامرات بحق العرب والمسلمين، لاسيما من قبل نظام الملالي في إيران، الذي لا يخفي عداءه للعروبة، ويسعى إلى تصدير ثورته المزعومة تحت شعار الطائفية وبمظلة الدين، وتصدير أزماته الداخلية إلى الخارج على حساب العرب، بالتحالف مع فئة باعت نفسها للشيطان في اليمن، وباتت تنفذ عن عمد تلك المخططات الفارسية المعادية لأمن الخليج العربي والعرب عامة.
ولعله من المؤسف والمستهجن بل والمستغرب ألا نرى ردود فعل شعبية يمنية واعية وغاضبة ومزلزلة، ضد تلك المؤامرات الإيرانية المتواصلة ضد الخليج العربي، وضد المملكة العربية السعودية بشكل خاص، على اعتبارها تشكل حاجز الصد المنيع والسور الواقي، لحماية المصالح القومية العربية، كما أنه مما يدعو للغرابة حالة الغياب المؤسفة، لطبقة الإنتلجنسيا اليمنية، بما تحويه من مثقفين وكتاب وشعراء وأكاديميين وإعلاميين وصحفيين، عما يجري في المنطقة، حيث تتعرض بلداننا الخليجية لمؤامرات واعتداءات شبه يومية، وآخرها اعتداءات العصابات الحوثية على المملكة العربية السعودية، التي تستضيف على أرضها مئات الآلاف من الأشقاء اليمنيين، وكذلك الاعتداءات الفارسية التي ارتكبت من قبل إيران أو أعوانها في المنطقة ضد ناقلات النفط في بحر عمان، وقصف مطار ابها المدني، والاعتداءات المستمرة ضد الملاحة بهدف عرقلة حركة النقل البحري وتعريض أمن وسلامة المنطقة للخطر، ناهيك عن الآثار السلبية التي تتركها على الاقتصاد العالمي ككل.
ورغم تكرار الجرائم الحوثية، وانكشاف الدور الإيراني التخريبي في المنطقة، ومحاولات التوسع والهيمنة التي تنتهجها إيران في أكثر من بلد عربي، لاسيما سوريا والعراق ولبنان واليمن، فإنه من المؤسف ألا نسمع ذلك الصوت اليمني العربي المدوي القوي، وإن سمعنا بعضاً منه فإنه يكون صوتاً خجولاً وخافتاً لا يرقى إلى مستوى الحدث الجاري، والمخاطر التي لا تهدد الخليج والمنطقة العربية ككل وضمنها أمن وكيان اليمن ذاته.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الظروف الحرجة هو: متى سيصحو الشارع اليمني من سباته؟! وهل سيصحو متأخراً ليكتشف حقيقة ما يجري في بلاده على أيدي الحوثيين، تلك الفئة الطائفية العنصرية المذهبية الإقصائية التي رهنت مصيرها بمصير أعداء اليمن والعرب عامة؟ وأين المفكرون والمحللون السياسيون والكتاب من عقلاء اليمن العربي الأصيل، الذين تغص بهم صالات الفنادق الفاخرة في كثير من البلدان، بعيداً عن وطنهم المسلوب والمختطف من قبل جماعة مارقة ما برحت تنفذ توجيهات الملالي الإيرانيين على حساب المصلحة اليمنية والعربية؟
وأخيراً، وليس آخر، نقول إن الصوت اليمني العربي مطلوب بقوة في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، وإن اليمن الذي كان عبر التاريخ مركزاً للحضارة العربية، عليه الآن أن ينفض عن وجهه غبار الطائفية المقيتة الذي فرضه الحوثيون ومليشياتهم التي أسقطت الشرعية واستولت على السلطة بقوة السلاح، لأنه من دون توفر الوعي اليمني العربي الحر الأصيل بمخاطر ما يحاك ضد المنطقة من مؤامرات، سيبقى اليمن السعيد الخاصرة الرخوة في معادلة الأمن القومي للخليج الذي احتضن اليمنيين وآواهم ودعمهم وساندهم بالمال والرجال والدم لتحرير بلدهم من الظلم الطائفي والظلام الفارسي الذي استولى على بلدهم العربي الأصيل والعزيز.

*كاتب سعودي