يكاد المراقب للشأن الدولي أن يرجح اقتراب القارعة من إيران.. لماذا هذا التوقع؟ باختصار غير مخل تبدو إيران عازمة على التصعيد، فهي لا تكتفي فقط بترويع الآمنين من حولها عبر صواريخها الباليستية وطائراتها من غير طيار، بل تمضي إلى إلحاق الضرر الكبير بأسواق الطاقة العالمية، وذلك عبر إعاقة حركة الملاحة في المياه الدولية للخليج العربي، وبحر عُمان، ولا يتردد «حسين سلامي» قائد الحرس الثوري الإرهابي، في أن يهدد حاملات الطائرات الأميركية، وفي الوقت الذي يشير فيه وكلاؤهم في اليمن، أي «الحوثيين» إلى أن مصر والسودان ستصلهما الصواريخ التي في أيديهم.
باختصار غير مخل، إيران لن يُقدر لها الصمود إلى ما بعد انتهاء ولاية دونالد ترامب الأولى، وهذا ما تراهن عليه، ناسية أو متناسية أن هناك حظوظا كبيرة لفوزه بولاية ثانية، وهذا ما يجعل خططها تتمحور حول الهروب إلى الأمام، بمعنى ما حوله إشعال الموقف في المنطقة، وفي هذا حكما سترتكب أخطاء قاتلة.
الآن إيران وعبر تصريحات مسؤوليها مثل محمد باقر رئيس أركان الجيش الإيراني، تعمد إلى بسط نفوذ وهيمنة على مياه الخليج العربي، وستحاول من جديد التعرض للسفن العالمية البحرية التجارية والعسكرية، وعلى غير المصدق الرجوع إلى ما قاله «محمد باقر» قبل بضعة أيام من أن إيران دولة كبيرة جداً، وقادرة على منع مرور أي سفينة تجارية أو بارجة بحرية من مضيق هرمز.
في الأفق علائم عديدة تبين لنا أن هناك تصعيداً سريعاً على الأرض، وأن إيران سوف تتعرض حال استمراءها لأعمالها العدائية والإرهابية إلى رد حاسم وحازم وإنْ اختلفت درجاته، سيما وانه ما بين الحرب الشاملة وما بين الامتناع الكامل عن الرد درجات متفاوتة الألوان من أساليب الردع.
منذ بدايات التحرش الإيراني بدول المنطقة وبالقطع البحرية في المياه الدولية، تحدث السفير الأميركي الجديد في المملكة العربية السعودية «جون أبي زيد»، الجنرال ذو الأربعة نجوم والخبير العسكري الماهر، بأنه لا يتوجب الانتظار في كل مرة تقوم فيها إيران بأي عمل عدواني، بل يجب أن يكون الرد سريعاً وقاسياً، ولكن لا يصل إلى مرتبة الحرب المباشرة والانفجار الكبير.
يعن لنا أن نتساءل: «هل نحن في طريق إعادة الضربة الأميركية الشهيرة التي تعرض لها الأسطول الإيراني في أبريل 1988 عندما انفجر لغم إيراني في فرقاطة الصواريخ الأميركية «صاموئيل روبرتسون»؟
يكاد المرء يعتقد بأن شيئاً من هذا القبيل قد يحدث عما قريب، سيما مع ارتفاع سخونة الرؤوس في واشنطن، وبعد طلب القيادة الوسطى الأميركية إرسال خمسة آلاف جندي إلى منطقة الخليج، وافق البيت الأبيض على ألف فقط منها، في إشارة تحمل دلالات الحرب المباشرة المحتملة، ناهيك عن كونها قوات للردع والدفاع عن المصالح الأميركية.
غير أنه على الجانب الآخر من الرؤية والتحليل يمكن للمرء القطع بأن هناك إرادة أميركية من قبل الجنرالات لتعزيز الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج، وقد كان الجنرالات وحتى وقت قريب أكثر جناح معارض للعمل العسكري، فهل وقر لديهم الإيمان التام بأن إيران لن ترتدع، وأنها تخطط لعمليات مسلحة في المنطقة بصورة أكثر خطورة؟
أغلب الظن أن إيران سوف تعمد إلى إشعال الموقف في المنطقة برمتها بدءا من اليمن في الجنوب، وتحويل الأنظار إلى جهة المملكة، ولا تزال الصواريخ الباليستية، وطائرات الدرونز تسعى إلى النار والدمار، وفي العراق سيكون نحو خمسة آلاف جندي أميركي عرضة لانتقامات الحشد الشعبي ووكلاء قاسم سليماني، وصولا إلى حزب الله في لبنان وتهديده المباشر القائم والقادم لاسرائيل، ناهيك عن دور حماس في داخل غزة بدرجة أو بأخرى.
ما يدور في مجلس الأمن القومي الأميركي وطوال الأسبوعين الماضيين، وتصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لشبكة «سيس بي إس» نهار الأحد 16 يونيو الجاري، أفرزت يقيناً بأن الولايات المتحدة وإنْ كانت تحدث عن تجنب الحرب، إلا أنها تستعد لمواجهة عسكرية مع إيران، مواجهة ربما تحدد إيران أبعادها ومعالمها.
يقول حسن روحاني مؤخرا نحن لا نرغب في الحرب، لكن من يصدق الازدواجية الإيرانية القاتلة صباح مساء كل يوم، إذ لم تمض على تصريحاته سويعات إلا وكان صاروخ مجهول يصيب شركة اكسون للنفط الأميركية العملاقة في مدينة البصرة العراقية.
حين يتحدث الرئيس ترامب عن استعداد بلاده استعدادا جيدا لكل ما يتعلق بايران، فان الرجل لا يطلق تهويمات، سيما وان تصريحه هذا جاء بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية  تعزيز الوجود الأميركي المسلح في المنطقة. الخلاصة.. إيران لا تجيد قراءة الأزمنة والأحداث، ولا تتعلم من أحاجي التاريخ ولا من مآسي الإنسانية.
*كاتب مصري