حذّر مسؤولون حكوميون أميركيون، حاليون وسابقون، نهاية هذا الأسبوع، الشركات الأميركية ودعوها للاستعداد لسيل من الهجمات الانتقامية الرقمية من إيران، بعد أن شنت إدارة ترامب هجوماً سيبرانياً ضد أنظمة إطلاق القذائف والصواريخ الإيرانية.
وحذّر «كريس كريبز»، مدير قسم الأمن السيبراني في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، يوم السبت الماضي، من أن القراصنة الإلكترونيين يستهدفون منذ الآن شركات أميركية ببرامج خبيثة متخصصة، مصمَّمة لمحو محتوى شبكاتها الحاسوبية، بدلاً من مجرد سرقة بياناتها.
ومن جانبها، بدأت شركات للأمن السيبراني – سجلت ارتفاعاً دراماتيكياً في عمليات القرصنة الإيرانية خلال الأسابيع القليلة الماضية – تحذّر نهاية هذا الأسبوع من أن إيران يمكن أن تزيد هجماتها وتجعلها مدمرة أكثر.
ومن المحتمل أن تطال تلك الهجمات الانتقامية نطاقاً من الأهداف أوسع بكثير من الضربات السيبرانية الأميركية، التي أفادت زميلتي في صحيفة «واشنطن بوست» إيلين ناكاشيما، بأنها اقتصرت على الأنظمة العسكرية وتطلبت أسابيع من الاستعدادات.
وقال لي «جون هالتكيست»، مدير المعلومات الاستخباراتية والتحليلات بشركة الأمن السيبراني «فاير-آي»: «إنهم يمكن أن يختاروا هدفاً غير عسكري، حيث يمكن أن يحدثوا تأثيراً أكبر».
واستطرد قائلاً: «إنهم سيختارون هدفاً رخواً»، مضيفاً: «في الماضي، كان ذاك الهدف هو قطاعنا المالي. كما أبدوا اهتماماً بكل شيء، من الطاقة إلى النقل إلى عدد من القطاعات الأخرى».
وبالإضافة إلى عمليات القرصنة التي تمحو البيانات من الحواسيب، يمكن أن يطلق الإيرانيون «هجمات الفدية» تقفل الحواسيب إلى أن يدفع الضحية فدية، وإلا فإن الهجمات تعطّل الأجهزة وتجعل المواقع الإلكترونية والأدوات الرقمية غير قابلة للاستخدام.
الهجوم السيبراني الأميركي، الذي وقع الخميس، رداً على إسقاط إيران لطائرة مراقبة أميركية مسيرّة، أمر به الرئيس دونالد ترامب شخصياً ونفذته القيادة السيبرانية الأميركية، كما أفادت إيلين. وقد أتى الهجوم بعد أن حذّر مستشار الأمن القومي جون بولتون، هذا الشهر، من أن الإدارة ستكون أكثر شراسة بخصوص شن عمليات قرصنة هجومية.
وقال وزير المعلومات والاتصالات التكنولوجية الإيراني، محمد جواد أزاري جاهرومي، على تويتر يوم الاثنين، إن الهجمات السيبرانية لم تكن ناجحة.
وبالإجماع تقريباً، توقع خبراء سيبرانيون أن ترد إيران على الهجوم السيبراني بعمليات قرصنة خاصة بها، ولكنهم اختلفوا حول ما إن كانت إدارة ترامب قد اتخذت القرار الصائب عبر شن هجوم سيبراني.
فعلى الجانب الإيجابي، من الواضح أن هجوماً سيبرانياً لا يقتل أحداً هو نتيجة أفضل من ضربة عسكرية تخلّف إصابات كثيرة، كما أخبرني «كريس باينتر»، المنسق السيبراني السابق في وزارة الخارجية الأميركية خلال إدارة أوباما، «ذلك أنه يرسل رسالة قوية غير مصحوبة بموت أشخاص، وهو شيء جيد»، على حد تعبيره.
غير أنه من جهة أخرى، كان بإمكان إدارة ترامب أن تقلص احتمال هجمات سيبرانية انتقامية، عبر اختيار هجوم تقليدي أصغر لا ينطوي على خطر التسبب في إصابات، كما قال لي «مايكل مورل»، وهو مدير سابق بالإنابة لوكالة الاستخبارات المركزية في رسالة عبر البريد الإلكتروني.
وقال «مورل»، الذي يقدم بودكاست «شؤون استخباراتية»: «كان ذلك سيبعث بأقوى رسالة ممكنة من دون خلق خطر التصعيد ولم يكن سيخلق إمكانية جولات لا نهاية لها من الهجمات السيبرانية».
ومن جهة أخرى، حذّر «باينتر» من أن ثمة احتمالاً مهماً أن تكون لدى القيادة السيبرانية الأميركية أسلحة رقمية أخرى تستطيع استخدامها في حال احتدام النزاع مع إيران. غير أنه إذا انتظرت الولايات المتحدة دائماً وقتاً أفضل لاستخدام أدواتها الخاصة بالقرصنة الإلكترونية، فإنه قد ينتهي بها الأمر إلى عدم استخدامها مطلقاً – والتخلي عن أي قيمة لديها لدفع الخصوم إلى تغيير سلوكهم.
وقال: «إننا في حاجة إلى أن يكون الهجوم «السيبراني إحدى الأدوات ضمن ترسانتنا»، مضيفاً: «ولكن ينبغي أن نستخدمه بحذر، وعندما يكون استخدامه معقولاً ومنطقياً، وهذه قد تكون إحدى تلك الحالات».
جوزيف ماركوس
*كاتب أميركي متخصص في الشؤون الأمنية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»