تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل حثيث على مكافحة المخدرات، وهناك جهود جبارة بذلت وما زالت متواصلة من أجل القضاء على هذه الآفة الخطيرة جداً، وها هي تشارك العالمَ الاحتفالَ باليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يصادف السادس والعشرين من شهر يونيو من كل عام، ويقام تحت عنوان «أسرتنا هي مستقبلنا.. لا للمخدرات»، وقد حقق إنجازات مشهودة، حيث تم تحجيم هذه الظاهرة بشكل كبيراً جداً، سواء فيما يتعلق بتعاطيها، أو الاتجار فيها. وتعد الإمارات بالفعل رائدة في مجال مكافحة المخدرات ليس على مستوى المنطقة وحسب، ولكن على المستوى العالمي أيضاً، فنجاحاتها لا تقتصر على الواقع الداخلي، ولكنها خارجية كذلك، حيث قدمت مبادرات متعددة في هذا المجال. والحقيقة أن الإمارات أصبحت نموذجاً يحتذى به ويمكن الاستفادة من تجربتها الفعالة في محاربة المخدرات والقضاء عليها. ولا شك في أن كل النجاحات التي تحققت لم تأتِ من فراغ، وإنما هي نتيجة تخطيط محكم وسياسات مدروسة، فقد تنبهت الدولة ومنذ وقت مبكر جداً إلى مخاطر هذه الآفة، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع، ولذلك تبنت استراتيجيات واضحة وقامت بكل ما يمكن القيام به في سبيل محاربة هذه الظاهرة وتطهير المجتمع منها. ولعل ما يميز المقاربة الإماراتية في هذا المجال ويجعلها بالفعل محل اهتمام، هو أنها ذات طابع شمولي، فلم تقتصر على جانب دون آخر، بل حرصت على تبني وسائل متعددة، وركزت على جوانب متعددة: أولاً، التوعوي، حيث حرصت على توعية المجتمع بكل السبل المتاحة، حول هذه الآفة وخطورتها، وخاصة على فئات الشباب. وثانياً، القانوني، حيث سنت تشريعات قوية ومحكمة، والأهم تفعيل وتطبيق هذه التشريعات بصرامة، وكذلك العمل مستمر على تحديثها، مع مراعاة الجوانب التوعوية والتربوية وإعطائها الأولوية، لما لها من دور مهم في مكافحة هذه الظاهرة. وثالثاً، الأمني، حيث باتت الإمارات تمتلك مؤسسة أمنية محترفة، ذات خبرات علمية وعملية وإمكانيات تكنولوجية متقدمة، إذ تعمل الجهات الشرطية والأمنية على قدم وساق، من خلال استراتيجيتها الأمنية الشاملة لترسيخ الأمن والاستقرار في الدولة من خلال مواكبة المستجدات العصرية واستخدام أفضل التقنيات لتحقيق أفضل معدلات الأمن.
وعلاوة على ذلك، فثمة حرص على استغلال كل المناسبات والفرص المتاحة، ومنها الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، من أجل تنظيم فعاليات موسعة وحملات توعوية في كافة أرجاء الدولة، تنظمها الجهات والمؤسسات المختلفة في الدولة، من أبرزها بالطبع وزارة الداخلية التي تضطلع بدور محوري من خلال أجهزتها المتعددة، حيث تنظم عادة فعاليات مهمة للتعريف بمخاطر المخدرات، وإبراز الدور الحيوي للأسرة في حماية الأبناء من المخدرات، إلى جانب تثقيف الجمهور بمخاطر الإدمان وسبل الوقاية وطرق العلاج. كما أننا لا نستطيع أن نتجاهل ونحن نتحدث عن الإنجازات التي تحققت في مجال مكافحة المخدرات، التعاون بين الجهات والمؤسسات المختلفة في الدولة، وخاصة وزارة الداخلية وأجهزة الشرطة والجمارك وغيرها من الجهات المعنية، سواء من القطاع العام أو الخاص، بهذا الموضوع، حيث تكاملت أدوارها وتمكنت بفضل تعاونها والتنسيق الفعال بينها من تحقيق نجاحات بارزة بالفعل. فالأرقام الصادرة عن تقارير محلية وأجنبية تشير بوضوح إلى مدى النجاح الذي تحقق، حيث تم تحجيم انتشار المخدرات وكذلك تعاطيها والاتجار بها، كما انخفضت أعداد الوفيات الناجمة عن تعاطيها، وتم ضبط أكثر من 7168 متهماً في جرائم المخدرات، وفقاً للتقرير السنوي لجرائم المخدرات لعام 2018 الذي تصدره الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية بوزارة الداخلية.
ولم تقتصر النجاحات على المستوى المحلي بل تعدتها إلى المستوى الدولي، حيث تمكنت وزارة الداخلية من ضرب شبكات تهريب وترويج المخدرات وهي في عقر دارها، وذلك بفضل التعاون الإقليمي والدولي المتميز للأجهزة الأمنية واحترافيتها، وتعاونها البنّاء مع الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة عالمياً.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.