اليوم أصبح التساؤل عن مصير الانتخابات الإسرائيلية القادمة مطروحاً، وبتنا نتساءل: هل ستجري هذه الانتخابات في موعدها المقرر، وهو السابع عشر من سبتمبر القادم، أم أنها ستُلغى؟ سبب هذا التساؤل هو معلومات أذاعتها القناة التليفزيونية الإسرائيلية الثانية عشرة هذا الأسبوع ونقلتها صحيفة «معاريف»، تفيد بأن بعض رؤساء الأحزاب الصغيرة يقولون إنه تم جس نبضهم في الفترة الأخيرة من جانب قيادات في الحزبين الكبيرين، «ليكود» الذي يقوده نتنياهو و«تحالف أزرق أبيض» بقيادة الجنرال جانتس. وكان هدف جس النبض اجتذاب الأحزاب الصغيرة لتأييد سن قانون جديد لإلغاء الانتخابات المقرر عقدها في السابع عشر من سبتمبر، حيث إن الحزبين الكبيرين لا يمكنهما سن القانون بمفردهما، لأنه يتطلب ثمانين صوتاً لا تتوفر لهما. وستكون الخطوة التالية بعد إلغاء الانتخابات، تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الحزبين الكبيرين مع أحزاب صغيرة.
إن هذا الأمر، وإن كان غير مؤكد، فإنه يبدو ممكناً في المرحلة الحالية، لعدة أسباب: أولها إدراك الحزبين الكبيرين أنهما لن يغيرا موازين القوى بينهما، بعد أن دلت استطلاعات الرأي الأخيرة على أن الانتخابات الجديدة إذا جرت في موعدها فلن تحمل جديداً على مستوى التنافس الثنائي بين الحزبين، وأن التعادل بينهما سيظل قائماً بعد أن تعادلا في الانتخابات التي جرت في التاسع من أبريل الماضي وحصل فيها كل منهما على 35 مقعداً. والسبب الثاني هو أن استطلاعات الرأي أظهرت لنتنياهو أن رصيد المقاعد التي سيحصل عليها معسكر أحزاب اليمين والمتدينين الموالي له لن يزيد على ستين مقعداً، وبالتالي فلن يتمكن من تشكيل حكومة جديدة وسيفشل مجدداً. السبب الثالث هو أن تحالف «أزرق أبيض» أدرك من هذه الاستطلاعات أن رصيد المقاعد الذي سيحصل عليه المعسكر الذي يستند إليه، وهو معسكر الوسط واليسار والأحزاب العربية، لن يبلغ 61 مقعداً وبالتالى فلن يمكنه تشكيل الحكومة الجديدة.
وهنا لابد من استعادة خلفية هذه التطورات التي أدت إلى فتح هذا الموضوع وطرح هذا التساؤل. ونذكر أنفسنا بأنه منذ عدة أسابيع سن البرلمان الإسرائيلي قانوناً بإجراء انتخابات جديدة في سبتمبر القادم، وقد جرى سن هذا القانون بعد أن فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة عقب رفض أفيجدور ليبرمان، رئيس «حزب إسرائيل بيتنا»، دخول الحكومة الجديدة بسبب خلافه مع الأحزاب الدينية المؤتلفة مع نتنياهو حول قانون تجنيد المتدينين، فحرم نتنياهو من الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة.
وكان أمام نتنياهو بعد ذلك الفشل ثلاثة خيارات: الأول أن يبلغ رئيس الدولة بفشله ليقوم بتكليف عضو كنيست آخر بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا أمر مرفوض عنده لحاجته للبقاء في الحكم لتحصين نفسه من الملاحقات القضائية في اتهامات الفساد الموجهة إليه. أما الخيار الثاني فهو أن يدعو حزباً صغيراً من خارج أحزاب معسكر اليمين والمتدينين الموالي له للانضمام لحكومته ليوفر الأغلبية اللازمة. وقد أقدم على هذا الخيار وقام بدعوة حزب العمل بمقاعده الستة للانضمام إلى حكومته، غير أن «العمل» رفض العرض.
أما الخيار الثالث فكان يتمثل في لجوئه لدعوة تحالف «أزرق أبيض» بقيادة الجنرال جانتس للانضمام إلى حكومته، وهو أمر كان مرفوضاً بالنسبة لنتنياهو وجانتس، على حد سواء.
اليوم وقد تبدلت الاعتبارات، هل ستظهر حكومة وحدة إسرائيلية؟ سننتظر لنرى.