«غريفيث» المبعوث الأممي الثالث الذي يحمل ملف السلام في اليمن من «استوكهولم» ماذا جنت يداه خلال 16 شهراً من زمن مسؤوليته الأممية؟
منذ بداية الإمساك بهذه المهمة وجدنا «غريفيث» يميل إلى «الحوثيين» دون الشرعية التي أُسس التحالف من أجل استعادتها، وهو أمر مخالف لكل متطلبات الحل السلمي.
المبعوث الأممي يتصرف منفرداً بالملف، وكان هذا واضحاً من اجتماعاته في الحُديدة مع ممثل «الحوثيين» من دون مشاركة ممثل عن الحكومة الشرعية التي تتمسك بقرار الأمم المتحدة «2216»، ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية. يبدو أن «غريفيث» يخيل إليه كأنه «برايمر العراق» المتصرف بشؤون اليمن كيف يشاء.
لقد مضت فترة ليست بالقصيرة عندما نبهت الحكومة الشرعية على عدم التزام المبعوث الأممي بالحياد، ولكن لم يقف العالم أمام هذه السقطة ولم يغير من هذا السلوك غير السياسي ولا الدبلوماسي في إيصال اليمن إلى بر الأمان أو حافة السلام، ولا نعرف إنْ كان هذا المبعوث يُعد طبخة للاعتراف بـ«الحوثيين» كدولة ضد الشرعية.
والعالم كله يشهد بأنه لا جدال حول حق الشرعية في استعادة زمام الحكم وبغير ذلك تبقى الأزمة مستمرة ومعلقة في رقبة المبعوث الأممي.
إن خطورة موقف «غريفيث» لو استمر في هذا النهج حتى النهاية، إضافة إلى موافقة الأمم المتحدة عليه، يعني إضفاء الشرعية الدولية لـ«الحوثيين» بالانقلاب وفرضه كأمر واقع.
ولو تم هذا في اليمن مع «الحوثيين»، وهو باختصار يعطي الضوء الأخضر لبقية الميليشيات الإرهابية لاحتلال الدول التي يتواجدون فيها كـ«حزب الله» في لبنان، وبقية الأحزاب التي تسير على شاكلته.
ونتيجة لهذا الموقف الداعم لـ«الحوثيين» من قِبل المبعوث الأممي، قاطع الرئيس اليمني «غريفيث» أثناء زيارته إلى الرياض في الفترة القريبة الماضية وعلى ضوئها أعلنت الحكومة اليمنية عن أن هذا المبعوث لم يعد شخصاً مرغوباً فيه نظراً لعدم نزاهته في ممارسة مهمته السياسية وجهوده الدبلوماسية طوال الفترة الماضية من تولي هذا المنصب من قِبل الأمم المتحدة، والتي لم تحرك ساكناً حتى اللحظة مع علمها التام بكافة التقارير المنحازة لـ«الحوثيين».
ولهذا المبعوث الأممي وجه آخر في مجلس الأمن وفي آخر تقرير له وأبرز ما جاء في جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن التطورات في اليمن يذكر ما يلي:- (نرفض تجدُّد التصعيد في اليمن واستهداف «الحوثيين» مطار أبها. ويجب العودة إلى المسار السياسي)- (حصل تقدم في تطبيق اتفاق السويد لكنه ليس كافياً).- (عدد القتلى المدنيين انخفض خلال وقف إطلاق النار في محافظة الحُديدة. الطرفان المتصارعان يجب أن يجددا التزامهما باتفاق السويد وسيادة اليمن). (مستمرون في نقاشاتنا مع الحكومة اليمنية بشأن تطبيق اتفاق الحديدة، خصوصاً الشق الاقتصادي منه)، ( المضي قدماً في الشق الاقتصادي من اتفاق الحديدة سيتيح تأمين الرواتب ويفيد سكان المحافظة)، (الوضع العسكري معقد وهش في الحُديدة مما ينعكس على سكانها)، (نطالب طرفي الصراع بأن يضعا أولوية لقضية تبادل السجناء).
نذهب قليلاً إلى مصدر أهل الحل والعقد في اليمن، ففي تقرير مفصل عن هذه الإشكالية التي طفحت على السطح، وضمن تقرير في موقع «عدن السبق»، نجد إشارة إلى: (أن حدة الخلافات وصلت إلى أبعد مستوى عقب اتهام الرئيس هادي لـ«غريفث» مجدداً بالتماهي مع مسرحيات «الحوثيين» في الالتفاف على اتفاق السويد بشأن الحديدة).
أما الوضع الإنساني فنترك القول الفصل فيه إلى آخر التقارير الذي عرض على مجلس الأمن من قِبل منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة «مارك لوكوك» وأبرز ما فيه:
- القتال في اليمن هذا العام أدى إلى نزوح العديد من العائلات ومقتل أطفال، ووقف إطلاق النار في اليمن ضرورة ملحة.
- يحتاج 80% من سكان اليمن إلى حماية ومساعدات غذائية.
- هناك 5 ملايين شخص لم نتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية إليهم في اليمن بسبب صعوبات بيروقراطية.
- الأطراف اليمنية يجب أن تحترم القانون الدولي وأن تسهل وصول المساعدات الإنسانية.
- حصلنا على تصاريح لإدخال بعض المساعدات الإنسانية إلى اليمن في الآونة الأخيرة.
- التمويل التام للعمليات الإنسانية والإغاثية في اليمن ضرورة ونحتاج لأكثر من 4 ملايين دولار. فإذا كانت الحصيلة أن «الحوثيين» يقفون عقبة في تحسين أوضاع اليمنيين، فما دور «غريفيث» المستقبلي في تنفيذ مهامه؟