عندما كنا في بداية عملنا الإعلامي منهمكين في الركض الصحفي أيام الصبا، نبحث عن خبر أو حوار لكي نذيل به أسماءنا ونطير من الفرح بعد نشره مزهوين بالفرح لأهمية الكتابة بالصحافة المكتوب أيام الزمن الجميل، قبل أن تصبح في معركة المنافسة القوية مع التواصل الاجتماعي، كنا نعاني الأمرّين من شح المعلومات ونقصها عن الشخص الذي نريد أن نحاوره في لقاء صحفي، أو البلد الذي نريد أن نكتب عنه تحقيقاً لنشره أو أي شخصية ومصنع ومنشأ وحقل، حتى عندما نريد نذهب إلى مكان نزعج الآخرين بالسؤال والوصف والتوصيف والملاحظات الإرشادية، لكي نصل المكان المطلوب الوصول إليه بصعوبة بالغة، وأحياناً يغلب علينا الكسل ولا نتمكن من معرفة المكان بدقة، أو حتى معرفة المسافة والوقت بيننا وبين الهدف المطلوب الوصول إليه بيسر وبدون عناء!
ولكن اليوم بفضل العم (جوجل)، كل شيء أمامك متاح وموجود تحت الطلب مجانا بسهولة ويسر وسرعة تامة، إنها الخدمات الإلكترونية والتكنولوجية والتقنية الحديثة المرعبة، التي شغلت العالم بما فيها من قضايا ومشاكل سلبية ومنافع إيجابية، يقدمها لك مجاناً هذا العملاق في هذا التطبيق والمحتوى المذهل والمدهش(جوجل)، الذي أنشأ عام 1996، كمشروعٍ بحثي من قبل (لاري بيدج وسيرجي برين)، الطالبان في جامعة «ستانفورد»، وهذا التطبيق الذي قدم خدمة للعالم والدول والمجتمعات والأفراد، وسهل على الكثير من الباحثين والدارسين والإعلاميين والصحفيين والطلبة، وطالبي العلم والمعرفة من جميع الفئات والأصناف والتخصصات المختلفة، ليسعفنا بالمعلومة الدقيقة والمحتوى الكامل، من النص والصورة وحتى الخرائط «جوجل ماب» بطريقة جاهزة وميسرة من دون عناء وتكلف، لا تحتاج وقت حتى نتصفح الكتب أو تحث الخطى نحو المكتبات العامة لتبحث عن ضالتك الشاردة في بطون الكتب والدراسات والمجلدات والمخطوطات، التي لا تخزنها ذاكرتك الفقيرة بعقلك المحدود، الذي لا يستوعب كل ما يخزنه لك (العم جوجل)، هذا الصديق الصدوق اللدود، الذي يحضر لك كل معلومة مهما كانت وطالت وتوسعت، بكل صراحة وشفافية وبدون عناء أو تحفظ أو خوف أو مواربة، فهو يمنحك المعلومة كاملة، فلا يخشى في قول الحق لومة لائم، حتى عن نفسه!
كما أن (جوجل) يضع شروطًا لكل المواقع الإلكترونية في كيفية صياغة الأخبار والتقارير والقصص الإخبارية وكذلك الصور وحتى الرسومات الأخرى، فهو أصبح المتحكم في الصياغة الصحفية والإعلامية والإعلانية، كما يعتبر أكبر شركة إعلانات في العالم وجعل أسعار الإعلانات أرخص على جميع المواقع الإلكترونية، وأصبحت شركة «جوجل» من ضمن أغنى الشركات خاصة بعد الاستحواذ على منصة الفيديوهات «يوتيوب»، وهي من تضع الآن قواعد الصياغة الصحفية وقواعد المهنة، وهي تستطيع أن ترفع أو تخفض أي موقع إلكتروني، وأصبحت إحدى الشركات الكبرى التي تتحكم في مصير الإعلام في العالم.
هذا التطبيق المفيد النافع الذي وصل إلى كل فرد في أقصى المعمورة، ألا يستحق جائزة نوبل لما قدمه للبشرية جمعاء من معلومات مدهشة وغزيرة ونافعة، واستفاد منه البشر لما قدمه من خدمات مذهلة لا تطرأ على البال، وسبق وتجاوز حتى «جهينة»؟!
* كاتب سعودي