بدأت اليابان باتخاذ خطوات لمقاطعة مواد حيوية لصناعة التكنولوجيا الأكثر أهمية في كوريا الجنوبية، مما أدى إلى تصعيد النزاع المستمر منذ فترة طويلة بين الجارتين حول أحداث يعود تاريخها إلى أجيال سابقة. وقالت حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي، يوم الإثنين، إنها بصدد فرض قيود على المنتجات عالية التخصص اللازمة لصنع أشباه الموصلات وشاشات الكمبيوتر، وإنها قد ترفع كوريا الجنوبية من قائمة المشترين الموثوق بهم. وتأتي هذه الخطوة بعد الحكم الذي أصدرته محاكم كوريا الجنوبية بأنه يتعين على الشركات اليابانية تعويض الكوريين الذين تم تجنيدهم للعمل في المصانع والمناجم خلال فترة استعمار شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1910 و1945.
واستدعت كوريا الجنوبية السفير الياباني في سيول للاحتجاج على هذا الإجراء، وقالت إنها ستقدم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية. وقال وزير التجارة والصناعة والطاقة الكوري الجنوبي «سونج يون-مو» للصحفيين إن هذه الإجراءات كانت «رداً» على الأحكام التي أصدرتها محاكم كوريا الجنوبية، وتعهد باتخاذ «خطوات ضرورية» بموجب القانون المحلي والدولي.
وقال «براد جلوسرمان»، نائب مدير مركز استراتيجيات وضع القرار بجامعة «تاما»، إنه «بيان يوضح مدى فشل طوكيو في التعامل مع سيول. فالاعتقاد السائد في طوكيو هو أن الكوريين الجنوبيين سيستمرون في تغيير القواعد وفقاً لأهدافهم ويطلبون الحفاظ على الأسس الأخلاقية والسياسية العالية، وبذلك فإن اليابان ليست مستعدة لعقد صفقة، خوفاً من أنها لن تتحول إطلاقاً إلى اتفاق نهائي».
وقد أثّرت هذه الأخبار على شركات الشرائح الإلكترونية في كوريا الجنوبية، حيث تمثل هذه المنتجات حوالي خمس إجمالي الصادرات. وكانت صادرات أشباه الموصلات بالفعل تحت الضغط، حيث تراجعت بنسبة 26% في شهر يونيو مقارنة بالعام السابق، وسط تباطؤ الطلب وتصاعد المخاوف بشأن النزاع التجاري العالمي الأكبر بين الولايات المتحدة والصين.
في شهر يونيو، رفضت اليابان اقتراحاً من كورياً الجنوبية بإنشاء صندوق تعويضات مشترك لحل النزاع بسبب سياسة العمالة القسرية، مما زاد الاحتكاكات بين الدولتين الحليفتين للولايات المتحدة. وقالت طوكيو إن العرض لا يتقيد بشروط معاهدة 1965 التي تم بمقتضاها تطبيع العلاقات بين البلدين، وتنص على أن المسائل المتعلقة بالتعويض قد «تم تسويتها بالكامل وبشكل نهائي». وكانت هذه الاتفاقية مصحوبة بسداد مبلغ 300 مليون دولار. وقد سعت اليابان إلى حل النزاع من خلال التحكيم، مستشهدةً بشروط المعاهدة. وقد نفى نائب رئيس الوزراء الياباني أن بلاده كانت تسعى للانتقام، وقال إن الخطط تتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
وقد ظهر البرود الذي يكتنف العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية خلال قمة مجموعة العشرين، التي استضافها آبي الأسبوع الماضي في أوساكا. وكان رئيس كوريا الجنوبية «مون جاي-ان» غائباً بشكل واضح عن قائمة طويلة من زعماء العالم الذين عقدوا اجتماعات فردية مع رئيس الوزراء الياباني.
إن إزالة اسم كوريا الجنوبية من قائمة تضم 27 دولة «بيضاء» –معظمها أعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي– سيكون أمراً غير مسبوق. وقد تمت إضافة كوريا الجنوبية عام 2004، وفقاً لمسؤول من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان طلب عدم الإفصاح عن هويته وفقاً لسياسة الحكومة. وقد دعت الوزارة لتعليق عام على هذه الخطوة.
ربما تأتي هذه الخطوة بنتائج عكسية. وكتب «شيجيكي أزكازاكي» و«كاوري إيواساكي» و«تشانج ييفان»، وهم محللون في شركة «نومزورا هولديمنز»، ضمن تقرير صادر مؤخراً: «إذا استمرت هذه القيود، ربما تكون بمثابة حافز للكوريين للإسراع بتطوير طاقة الإنتاج الداخلية لهذه المنتجات. وقد لا ترغب حكومة اليابان في ترك هذا الأمر مستمراً».
واعتباراً من يوم الأسبوع الجاري، ستطلب اليابان تراخيص تصدير لثلاثة مواد ضرورية لتصنيع شاشات العرض وأشباه الموصلات. والمواد عبارة عن بوليميد مفلور يستخدم في صنع لوحات عرض مرنة، وفلوريد الهيدروجين المستخدم في حفر الرقائق وألواح العرض، ومقاومة البوليمر المستخدمة في كل من الرقائق ولوحات العرض.
وجدير بالذكر أن الشركات اليابانية تسيطر على 90% من سوق البوليميد المستخدم لتطبيقات الشاشات، أغلبها مقسم بين شركة «أوبي اندستريز» وشركة «كانيكا». وتسيطر شركة «سامسونج إلكترونيكس» و«إل جي ديسبلاي» على السوق لتصنيع شاشات OLED المستخدمة في صناعة الهواتف الذكية والتليفزيونات. وكانت هذه الشركات تستكشف استخدام الألواح القابلة للانحناء لتعزيز الطلب في السوق المشبع بشكل متزايد.

إيزابيل رينولدز وبافيل ألباييف: صحفيان في «بلومبيرج نيوز»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»