لم تظهر كلمة تنوير في قواميس اللغة والكتب إلا بعد الثورة الفرنسية التي بدأت فيها أوروبا عصور العلم والحرية، بعد عقود من ظلام الكنائس ورجال الدين الذين حاولوا أن يجعلوا لهم سلطاناً على مجتمعاتهم ليتسنى لهم جمع الثروات واستغلال المؤمنين من المسيحيين الذين اعتبروهم ممثلي الرب في الأرض.
ولم تدخل أمة العرب نفق الظلام إلا بعد اتفاقية سايكس – بيكو التي حولت دوله إلى إقطاعيات لبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وفيها البرتغال وهولندا وإسبانيا.
لم يكن ظلام الأمة بسبب الدين الإسلامي، كما يزعم البعض، لكن بسبب احتلال صارخ جاء ليستولي على ثروات الأمة وكنوزها لتمويل خزائن دول الاحتلال التي نهضت بلادها ودشنت بنيتها التحتية من طرق وشوارع ومدارس من خيرات دول رزحت تحت نير احتلالهم المخيف.
معنى الظلام ارتبط بالاحتلال، وبالتالي مفردة « تنوير» تم استخدامها بشكل مفرط في الآونة الأخيرة بشكل مثير للاستغراب والاستهجان.
فعلى سبيل المثال، لم يكن مجتمع دولة الإمارات طوال تاريخه، وحتى قبل تدشين الدولة الاتحادية، مجتمعاً مغلقاً، فقد استقبل هذا المجتمع الدين الإسلامي بالبشر والترحاب، وتمسك به وبشريعته بسلاسة يتحدث عنها المؤرخون.
كانت المرأة تلعب دوراً أساسياً في المجتمع لم يكن أبداً إلا مجتمعاً طيباً متماسكاً منفتحاً على كل جيرانه، بدليل هجرة الكثير من أهل فارس بعد حكم الشاه حين منع لبس الحجاب ففر بعض أهل إيران من بلادهم ليأتوا لمجتمع احتواهم، ورحب بهم، وأعطاهم فرص العمل والحياة.
وكانت التجارة القادمة من الهند أو أفريقيا فرصة لإضافة الكثير من الثقافات المشتركة لم يعرف هذا المجتمع الانغلاق أو ظلمة التفكير حتى يتبنى البعض كلمة تنوير المجتمع.
هذا مجتمع مستنير ومنفتح ومتعلم ومتدين، بكل وسطية جميلة باقية وممتدة منذ عقود من الزمن ولازالت. ومؤسف أن يأتي أشخاص لم يعرفوا هذا المكان ولا أخلاقه، ليعلنوا أنهم أصحاب راية التنوير!
لدى مجتمع الإمارات باع طويل من الإنجازات الثقافية والفكرية الجميلة والمتجذرة. وتاريخنا وحاضرنا لم يعش عتمة ما ولم ينتج إنساناً متشدداً في أي شيء مهما ادعى الأدعياء.
*كاتبة إماراتية