مع إعلان إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، والزعيم الأسبق أيضاً لحزب «العمل»، إنشاء تكتل سياسي جديد، يبنى على تحالف الوسط واليسار، لخوض الانتخابات المقبلة، أظهرت استطلاعات للرأي تقدم «كتلة الوسط واليسار» على كتلة اليمين للمرة الأولى. ?كما ?أظهر ?استطلاع ?للقناة ?الثانية ?عشرة ?في ?التلفزيون ?الإسرائيلي، ?احتمال ?حصول ?حزب باراك ?الجديد ?على «?ما ?بين ?11 ?و22 ?مقعداً» ?من ?أصل ?120 ?في الكنيست (?البرلمان ?الإسرائيلي). ?أما ?استطلاع ?القناة الـ?13 ?الإسرائيلية، ?فأظهر ?بأن «?باراك ?سيحصل ?على ?6 ?مقاعد، ?وأنه ?مع ?حزب (أبيض ?أزرق) سيحصل ?على ?32 ?مقعداً»?.
باراك، الذي تولى منصب رئيس وزراء إسرائيل، ووزير حربيتها بين عامي 1999 و2001، ثم وزارة الحرب مجدداً بين عامي 2007 و2013، وترأس «حزب العمل» بين عامي 2009 و2013 قبل اعتزاله الحياة السياسية.. يعتقد أن الفرصة مواتية الآن لإسقاط نتنياهو، الذي يضعف يومياً أمام أعضاء حزبه والأحزاب الدينية المتشددة، علاوةً على أنه، حتى في حال فوزه بالانتخابات المقبلة، قد يضطر للاستقالة بسبب الاستجوابات الخاصة بالفساد. ?ومع ?عودته، ?شن باراك ?هجوماً ?حاداً ?على نتنياهو، ?محملاً ?إياه ?مسؤولية ?الوضع ?المتدهور ?الذي ?تمر ?به ?إسرائيل، ?قائلاً: ?إن «?حكم ?نتنياهو، ?مع ?شركائه ?المتطرفين ?العنصريين، ?ومع ?القيادة ?اليمينية ?الفاسدة، ?يجب ?إسقاطه»?. ?ثم ?ختم ?بتحذير ?وجّهه ?مباشرةً ?إلى نتنياهو، قائلاً: «?عهدك ?كزعيم ?سياسي ?انقضى، ?وهذا ?هو ?الوقت ?المناسب ?للذهاب ?إلى ?البيت. ?أحذّرك ?من ?إدخال ?إسرائيل ?في ?الفوضى، ?للنجاة ?بنفسك ?من ?السجن»?.
إعلان باراك (77 عاماً) العودة للحياة السياسية، أحدث ردودَ فعل في الأوساط السياسية الإسرائيلية، بين مهاجم ومؤيد ومحذِّر. فوزير المعارف «أوفير أكونيس» رد بالقول: «باراك هو أكثر رئيس وزراء فاشل في تاريخ إسرائيل، وهو الشخص الذي طرد من عمله خلال أكثر الأوقات حرجاً في تاريخنا.. هذا هو الرجل الذي وعد أن يسلم القدس والمدينة القديمة لياسر عرفات». كما قال «إيلي كوهين»، وزير الصناعة والاقتصاد: «باراك أسوأ وأفشل رئيس حكومة إسرائيلي، وهو يحاول أن يعلّم الجميع كيف يُحكَم البلد، وسيلفظ في نهاية هذه السنة نفَسه الأخير».
وبدورها، أعلنت الوزيرة السابقة «تسيبي ليفني»، رفضها الانضمام لحزب باراك، «لأنه سيضعف قوى اليسار والوسط، وسيستغل اليمين هذا الضعف». كما تطرق رئيس قائمة «أبيض أزرق» (بني غانتس)، لتشكيل الحزب الجديد قائلاً: «إن أي انقسام في كتلة اليسار سيضر بفرصنا لتغيير حكومة نتنياهو». لكن باراك أعلن هدفه واضحاً: «قائمة واحدة موحدة لجميع الأحزاب في الوسط واليسار تخوض الانتخابات. وليس فقط بوساطة كتلة كهذه لن تضيع أصوات، وإنما لن تبذل طاقات في صراعات داخلية، وإنما باتجاه الخارج حصراً».
في المقابل، أشار «عمير بيرتس»، الذي انتخب قبل أيام، رئيساً لحزب «العمل»، إلى أن: «عودة باراك سيكون لها أثر إيجابي في هزيمة نتنياهو»، مضيفاً: أنه «قد يوافق على أن يكون المرشح الثاني في قائمة برئاسة باراك، لخوض انتخابات الكنيست المقبلة»، فيما رجّحت الصحافة الإسرائيلية توقعات في أعقاب فوز عضو الكنيست السابق «نيتسان هوروفيتس»، برئاسة حزب «ميرتس»، «أن هذا الفوز يعزز احتمال انضمام ميرتس إلى باراك في الانتخابات القريبة». أما وزير الأمن الداخلي الأسبق «موشيه شاحل»، فقال إنه «يؤيد ويدعم كل جهد لإسقاط حكومة نتنياهو واليمين.. باراك صاحب تجربة وقدرات هائلة». بدوره قال «يوسي بيلين»: «في السنوات الأخيرة، رغم أنه كان خارج الحكومة والكنيست، كان باراك الرجل الأبرز في المعارضة لنتنياهو، وحتى عندما عرض حركته الجديدة، كانت معارضته الشخصية لنتنياهو في بؤرة حديثه. إذ قال أموراً حاسمة وصحيحة عن الحاجة إلى إسقاط نتنياهو». أما «يائير غولان»، وهو نائب سابق لرئيس هيئة أركان الجيش، فقال: «في إسرائيل حالياً قيادة فاسدة، وهذا الوضع لا ينبغي أن يستمر. آن وقت إعادة إسرائيل إلى العقلانية، فالقيادة الحالية تمادت لدرجة اتهام اليسار بالخيانة». وأردف: «هذا وضع خطير جداً، فربما يدفع كثيرين إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم للخدمة في الجيش، لأنه بات يخدم نظام حكم فاسد».
لقد احتفلت الصحافة الإسرائيلية، بعودة باراك إلى الحلبة السياسية، وبدا واضحاً من التحليلات، أن «الاحتفال» الإعلامي ليس بعودة باراك، وإنما بإمكانية أن تطيح هذه العودة بنتنياهو، حيث اعتبرت محللة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت»، (سيما كدمون)، أن «السن والشخصية والخبرة والرغبة بالتصحيح، جعلت من باراك المرشح الأخطر على رئيس الحكومة الحالي. أما المرشحون الآخرون فسيلتهمهم نتنياهو على وجبة فطور. أما باراك فيعرف نتنياهو جيداً، وهو قادر على قراءة نتنياهو، كأنه كتاب مفتوح».
ورأى محلل الشؤون الحزبية في «هآرتس» (يوسي فيرطر)، أن «باراك يسعى إلى أن يكون على رأس كتلة يسارية تضم (العمل) و(ميرتس) وحزبه الجديد. وقد تنضم إليه ليفني، رغم رفضها الحالي.. وباراك لم يتخل عن طموحه وتوقه إلى العودة إلى مكتب رئيس الحكومة».
باراك، يلعب في ملعب الوسط واليسار، ويريد توحيد أحزابهم، ومحاولة خطف الأصوات من اليمين، لكن حزبه الجديد قد لا يتمكن من تجاوز نسبة الحسم، فيهدر عندئذ هذه الأصوات بدل توحيد القوى ضد اليمين. لذا، ستكون المعركة الانتخابية حامية في اليسار! فمع الحزب الجديد، قد تشهد الحياة الحزبية الإسرائيلية غياب «ميرتس» أو «العمل» أو هما معاً، لعدم بلوغ أحدهما أو كلاهما نسبة الحسم، كما أن نجاح حزب باراك يعني سحب أصوات من «أزرق أبيض». وعليه، فحتى الآن، يبدو أنه لا يوجد منافس لنتنياهو على الساحة الإسرائيلية.
*كاتب وباحث سياسي