تسعى الهند لتحقيق نمو اقتصادي، يحقق لها اقتصاداً بحجم 5 تريليون دولار، بحلول عام 2024 -2025، الأمر الذي يجعل منها الاقتصاد الثالث عالمياً من حيث الحجم. هذه القفزة الاقتصادية تحتاج إلى نمو بمعدل 8 بالمائة سنوياً. ويبقى السؤال هنا هو: كيف استطاعت الهند أن تحقق كل إنجازاتها الاقتصادية الكبيرة الحالية، والتي سمحت لها بالعمل على أن يصبح اقتصادها ثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال السنوات القادمة، بعد كل من الولايات المتحدة والصين؟
بدأت التغيرات والقفزات في الهند واقتصادها القومي، في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي، أي بالتزامن تقريباً مع تغير النظام العالمي، وسقوط الاتحاد السوفييتي السابق. كما أن صعود الصين وبروز النمور الآسيوية شجع الهند على تحرير اقتصادها وتطويره عبر جعله أكثر انفتاحاً.. مما جعلها تصبح سادس اقتصاد في العالم. بل إن بعض التقارير الاقتصادية الدولية الحالية ترشح الهند لأن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2050، من حيث معدل القوة الشرائية، وربما تحتل المركز الثالث من حيث معدل سعر الصرف.
القوة الاقتصادية للهند، جعلتها تصعد في المجال العسكري، حتى أصبحت تملك رابع أكبر جيش في العالم، وخامس أكبر ميزانية دفاعية، كما أصبحت إحدى القوى النووية الرئيسية منذ عام 1998.
وقد صرح رئيس الوزراء الهندي، «ناريندرا مودي»، في شهر مارس الماضي، بأن بلاده انضمت إلى نادي القوى العظمى في مجال الفضاء. ومنذ أيام فقط، أعلنت وكالات الأنباء العالمية، أن الهند ألغت إطلاق مسبار إلى القمر في اللحظة الأخيرة.. وإذا تم إطلاق هذا المسبار فستصبح الهند رابع دولة في العالم تحط مركبة من صنعها على سطح القمر.
ورغم حقيقة، أن الهند تملك إمكانيات بشرية واقتصادية كبيرة، تؤهلها لأن تصبح من القوى العظمى في النظام العالمي الجديد.. فهي ثاني أكبر دولة في العالم من حيث السكان، إذ يقدر عدد سكانها بنحو 1.2 مليار نسمة. وهي سادس أقوى اقتصاد على مستوى العالم، وهي صاحبة أسرع معدل نمو اقتصادي على الصعيد العالمي (7.7 في المئة) وفقاً لبيانات البنك الدولي.
إلا أن الهند تواجه عدة تحديات؛ أهمها مشكلة توزيع الثروات، إذ يعيش أكثر من 270 مليون في فقر مدقع. كما تعاني الهند من نقص في الطاقة، فهي تعتمد بشكل كبير على توريد احتياجاتها من الطاقة.. لذلك تحرص الهند على استقرار منطقة الخليج والمحيط الهندي، حتى لا تنقطع إمداداتها من النفط والغاز.
وثمة مشكلة أخرى تواجه الديمقراطية الهندية، لا سيما منذ عام 2014، تاريخ تولي حزب «بهاراتيا جاناتا» الحكم، كونه يَعتبر الهندَ بالأساس دولةً هندوسية، دون الاكتراث لوجود 20? من السكان ينتمون لعرقيات وأديان مختلفة. هذا الوضع أدى إلى ازدياد التوترات والنزاعات الطائفية، حيث شهدت الهند خلال عامين من حكم الحزب ارتفاعاً في أحداث العنف الطائفي بنسبة 17?.
نتمنى للهند الأمن والاستقرار، لأن لدينا جالية هندية كبيرة وعلاقات تاريخية مع هذه الدولة الآسيوية العملاقة والمتميزة.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت