الاحتفاء الكبير بالزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة، يعكس في جوهره التقدير الكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا ما عبر عنه بوضوح معالي «وانغ يي»، وزير خارجية الصين في اللقاء الحصري مع وكالة أنباء الإمارات «وام»، حيث أكد «أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستصبح لؤلؤة لامعة على طول ممر الحزام والطريق وسيتعزز دورها في ظل زيارة الدولة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التي تعد قفزة في العلاقات بين البلدين». معتبراً في الوقت ذاته أن العلاقات بين البلدين تتمتع بصلابة وثقة سياسية، إضافة إلى تفاهم مشترك حول القضايا الرئيسية.
تنظر جمهورية الصين الشعبية بتقدير بالغ إلى دولة الإمارات، وتعتبرها نموذجاً للنجاح المبهر في المنطقة، سواء بالنظر إلى ما حققته من إنجازات تنموية كبيرة في العديد من المجالات، أو لما تمتلكه من المقومات التي تضمن لها مواصلة مسيرة التطور على الصعد كافة، أو لدورها الحيوي والفاعل في دعم جهود الأمن والاستقرار في المنطقة، ولهذا تولي تطوير العلاقات معها اهتماماً استثنائياً، وتعتبرها البوابة الرئيسية لتعزيز وجودها في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام، فالإمارات، كما يؤكد معالي «وانغ يي»: «شريك حقيقي للصين في الحزام والطريق نظراً إلى موقعها وثرواتها الطبيعية ومجتمعها المسالم، إضافة إلى كونها محوراً للتجارة والاقتصاد والمال والشحن في الشرق الأوسط عامةً والخليج خاصة»، وفي الوقت ذاته، فإن الصين تحرص على التنسيق والتشاور المستمر مع الإمارات، والاستماع إلى رؤاها ومواقفها إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، التي تتسم بالتوازن والهدوء والحكمة، والعمل من أجل إنهاء النزاعات والأزمات المختلفة التي تشهدها المنطقة.
تقدير الصين لدولة الإمارات وحرصها على تعزيز العلاقات معها في المجالات كافة إنما يأتي بفضل ما تمتلكه قيادتها الرشيدة من رؤية واضحة بعيدة النظر تركز على التنمية وتحقيق الرفاهية ليس للشعب الإماراتي وحسب، بل لجميع شعوب بلدان العالم، وبخاصة تلك التي تعاني ويلات الحروب والكوارث الطبيعية، إضافة إلى دعواتها المستمرة للحوار والسلام والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهي المبادئ نفسها التي تنطلق منها الصين في سياستها الخارجية. وفي الوقت ذاته فإن الدولتين تشتركان في الكثير من السمات التي تعطي دفعة قوية لعلاقاتهما الثنائية وتعزز من مستوى التعاون الشامل بينهما، فمن ناحية تمتلكان رؤية طموحة للمستقبل وضرورة الاستثمار فيه، فـ «مئوية الإمارات 2071»، التي تستهدف جعلها أفضل دولة في العالم وأكثرها تقدماً، بحلول الذكرى المئوية لقيام الدولة، وذلك في عام 2071، تتشابه في منطلقاتها وأهدافها مع المشروع الذي طرحه فخامة الرئيس الصيني شي جين بينج، تحت مسمى «بعث الأمة الصينية»، بهدف تعزيز مكانة الصين على الساحة الدولية، سياسياً واقتصادياً. كما تشارك الدولتان بفاعلية في تحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة، لأنهما تدركان أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والتعاون في مواجهة التحديات المرتبطة بها كالفقر والبطالة، ينبغي أن تأتيا في مقدمة أولويات المجتمع الدولي.
إن أهم ما يميز العلاقات بين الإمارات والصين أنها تقوم على المصالح المشتركة وتتسم بالتنوع والعمق وتستند إلى إرادة سياسية قوية، حيث تعكس كثافة الزيارات المتبادلة بين البلدين على أعلى المستويات توجهاً مشتركاً لتعميق علاقات التعاون والتنسيق وتطويرها بشكل مستمر، وتبادل الرؤى والتشاور بين الجانبين حول القضايا الرئيسية، ولهذا فإن زيارة الدولة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حالياً إلى جمهورية الصين الصديقة ستشكل نقلة نوعية وستضيف مرتكزات جديدة تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين في المجالات كافة، وخاصة أن أجندة الزيارة تتضمن العديد من الفعاليات المهمة، ولعل أبرزها «المنتدى الاقتصادي الاستثماري والتجاري» الذي نظمته الإمارات في بكين، أمس الاثنين، بمناسبة الاحتفال بمرور خمسة وثلاثين عاماً على العلاقات الوثيقة بين الدولتين، والبحث في مستقبل العلاقات والشراكة الاستراتيجية بينهما للعقود القادمة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية