وفقاً للبيان الذي أصدره قادة دول الخليج العربي بعد اجتماع القمة الذي عقد في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 25 إلى 26 مايو 1981 تم الاتفاق على تشكيل مجلس للتعاون انطلاقاً من وعيهم بالروابط الخاصة التي تجمع بين دولهم وشعوبهم، والخصائص المشتركة والتشابه بين نظم الحكم التي تجمعهم، ومن إيمانهم بالمصير المشترك الذي يوحد شعوبهم، ومن رغبتهم في التوصل إلى التعاون والتنسيق والتكامل بين مقدرات دولهم، في سبيل تحقيق الأهداف والمصالح العليا لها. لذلك فإن الدول الأعضاء المنضوية تحت لواء المجلس وجهت جهودها منذ البداية إلى عقد أنماط من الشراكة والتعاون الاستراتيجي البناء. ويؤكد هذه الحقيقة ما تم إنجازه وتحقيقه من أوجه التعاون والتنسيق على صعد شتى، أهمها الجوانب العسكرية والاستراتيجية والأمنية والاقتصادية، هذا بالإضافة إلى ما تؤكده البيانات الختامية التي تصدر عن اجتماعات القمم التي يعقدها القادة في ما بينهم، وما يصدروا من تصريحات يدلي بها كبار المسؤولين يؤكدون فيها بأن الأمن الاستراتيجي هو مسؤولية الجميع.
دول الخليج العربي الخمس المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عُمان تؤكد رغبتها باستمرار في العيش في أمن وسلام وطمأنينة، وتركز على حقها المشروع في الدفاع عن أمن أوطانها واستقلالها، ويعبرون عن رفضهم لأية تدخلات إقليمية أو دولية في شؤون هذه الدول، ويناشدون المجتمع الدولي إبقاء منطقة الخليج العربي، بل والمنطقة العربية وجوارها الجغرافي خالية من كافة أشكال الصراعات الدولية ومن الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية.
ويمكن تلخيص الظروف التي أدت إلى قيام المجلس في أنه بدءاً بعام 1979 شهدت منطقة الخليج العربي تغيرات كبرى، أهمها وصول أصحاب العمائم المتشددين إلى السلطة في إيران.
لقد كان لتلك التغيرات تأثيراتها الملحوظة في دفع دول الخليج العربي الخمس المشار إليها إلى العمل بكل ما تستطيع لبلورة صور التعاون والتنسيق فيما بينها. لقد كانت نقطة البداية هي عقد اجتماع لوزراء الخارجية في العاصمة السعودية الرياض، حيث تم التوافق فيما بينهم من حيث المبدأ على إنشاء مجلس للتعاون في ما بين دولهم يعمل على تطوير وبلورة أشكال التعاون والتنسيق والتكامل الممكنة فيما بينها كافة. وأعقب ذلك عقد سلسلة اجتماعات متصلة لوزراء الخارجية بدءاً بشهر مارس 1981 لمناقشة تفاصيل أدق حول كافة جوانب الموضوع. ثم جاءت لحظة العمل الجدي حين عقد اجتماع القمة بين قادة الدول في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في أول قمة خليجية جامعة، وذلك في الخامس والعشرين من مايو 1981. وفي الجلسة الافتتاحية أعلن التوقيع على النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الاجتماعات لم تستمر لمدد طويلة، حيث كان القادة حريصين على أن تتبلور أمور قيام المجلس بالسرعة الممكنة، ومقتنعين بأهمية تلك التوجهات الاستراتيجية الجديدة في ما بين دولهم لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لدولهم وشعوبها، خاصة بعد اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية واستعار لهيبها واشتداد وطأتها، لذلك فإن البيان الختامي لمؤتمر قمة أبوظبي صدر في اليوم التالي، وهو يشير إلى مجموعة من النقاط المهمة على الصعيدين السياسي والاستراتيجي كانت تهدف في مجملها إلى تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة وشعوبها، بالإضافة إلى أهداف استراتيجية أخرى مهمة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية. وللحديث صلة.
*كاتب إماراتي