أخيراً، نجح إيهود باراك وحزبه الجديد «إسرائيل ديمقراطية» في تكوين قائمة انتخابية مشتركة مع حزب «ميرتس» اليساري المؤيد لإقامة الدولة الفلسطينية تحت اسم «المعسكر الديمقراطي». ومعروف أن «ميرتس» يضم في صفوفه القيادية شخصيات عربية وهناك عرب يصوتون لصالحه.
وأثناء مفاوضات المشاركة مع «ميرتس» اتضح أن الحزب متخوف من انصراف العرب عنه، بسبب سمعة باراك الذي قامت الشرطة الإسرائيلية في عهده، كرئيس وزراء، بقتل ثلاثة عشر مواطناً عربياً أثناء مظاهرة لهم عام 2000.
ولكى يعالج باراك هذه النقطة أصدر بياناً قدّم فيه اعتذاره لعرب 1948 عما ارتكبته الشرطة بحقهم، مؤكداً التزامه المستقبلي بحق العرب في التظاهر السلمي تماماً مثل المواطنين اليهود، دون أن يتعرضوا للقتل.
ويبدو أن حزب «ميرتس» أجرى استطلاعاً داخلياً لمعرفة ما إن كان العرب قد قبلوا اعتذار باراك، أو أنهم على الأقل لن ينصرفوا عن التصويت لـ«ميرتس» إذا ما اتحد مع «إسرائيل ديمقراطية»، وبناءً على ذلك، قبل رئيس ميرتس «نيسان هوروفيتس» التحالف مع باراك.
وبالإضافة إلى خطوة الاعتذار للعرب، أقدم باراك على تضحية سياسية ليعطي المعسكر الديمقراطي واجهة وطابع حزب «ميرتس» الذي يدعو للمساواة بين المواطنين العرب واليهود، ويرفض سياسات الاستيطان اليهودي التي تتبعها حكومة نتنياهو، ويدعو للسلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين.
ذلك أن باراك وافق على أن يكون هوروفيتس، رئيس «ميرتس»، رئيساً كذلك للمعسكر الديمقراطي، كما قرر باراك أن يتنازل عن التواجد في مكان متقدم من القائمة الانتخابية التي سيتقدم بها التحالف للجمهور، وترك المراكز التسعة الأولى، حيث احتل المركز العاشر. ومعلوم أنه كلما احتل المرشح مركزاً متقدماً في القائمة الانتخابية زادت فرصه في الحصول على مقعد في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ولذا اعترض بعض أنصار باراك على المركز العاشر، على أساس أن الأصوات التي سيحصل عليها المعسكر لن تكفي لإدخال عشرة مرشحين إلى الكنيست، لكنه صمم على موقفه معلناً ثقته في أن الجماهير ستعطي المعسكر الديمقراطي عدداً كافياً من الأصوات يمكنه من دخول الكنيست.
لقد انضمت أيضاً إلى المعسكر الديمقراطي إحدى زعيمات حزب «العمل» وهي ستاف شافير التي حصلت في الانتخابات الداخلية لحزب «العمل» على المركز الثاني بعد عامير بيرتس الذي فاز بزعامة الحزب. وبالتالي أضافت للمعسكر الديمقراطي القوة الانتخابية لأنصارها. لقد أعلنت أنها خرجت من «العمل» بعد أن أقدم زعيمه بيرتس على التحالف مع حزب «جيشر» اليميني بقيادة أورلي ليفي، وقبلت عضو الكنيست شافير أن تكون في المعسكر الديمقراطي المرشحة رقم اثنين بعد هوروفيتس.
وفي المؤتمر الصحفي المشترك لهوروفيتس وباراك وشافير، أكد باراك أن هدفه الرئيسي هو إبعاد نتنياهو من الحكم وتطهير السلطة من الفساد وانتهاكات الديمقراطية، واعتبر أن تشكيل المعسكر هو الخطوة الأولى نحو إعادة إسرائيل إلى المسار الصحيح وحمايتها كدولة صهيونية ويهودية وديمقراطية. بينما أكد هوروفيتس، زعيم المعسكر، التزام معسكره بالدفاع عن الديمقراطية من خلال المحكمة العليا والإعلام، وأيضاً السعي للسلام مع الفلسطينيين.

*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس