تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة، على تعزيز علاقاتها التعاونية مع دول الإقليم والعالم، انطلاقاً من مبادئ راسخة، أساسها التشارك والتكامل والانسجام وتبادل المصالح، وهو ما أكده حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، المراسم الرسمية لتنصيب السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه ملكاً لماليزيا، الذي جاء فرصة لتعزيز علاقات البلدين في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة والطاقة، ودعم جهود المجتمع الدولي للحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، وترسيخ مفاهيم التسامح والحوار والتعايش المشترك بين الشعوب.
لقد عكست زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، المكانة التي تحتلها دولة الإمارات وشعبها لدى ماليزيا وقياداتها، حيث أجرى سموه لقاءات ودية مثمرة، خلال الزيارة، مع بعض الشخصيات الماليزية المؤثرة، مثل الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء مملكة ماليزيا، للنهوض بسبل تنمية ودفع علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين الدولتين، واستعراض الفرص الواعدة لتطوير التعاون بينهما، والارتقاء بجوانب التعاون إلى آفاق أرحب، وبما يؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية، إلى جانب الاستفادة من البيئة والمقومات الاستثمارية المتنوعة لتحقيق تطلعاتهما، إضافةً إلى استعراض مجمل القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية، وخاصةً قضايا الأمن الإقليمي والدولي، وتعزيز ثقافة التسامح والحفاظ على السلام ومواجهة الإرهاب والتطرف.
وتدخل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى ماليزيا في سياق مساعي القيادة الرشيدة الرامية إلى مواصلة الاطلاع على التجارب الناجحة لدول العالم، وخاصة التجربة الماليزية التنموية، التي شكلت استثناء تنموياً، إلى جانب بعض الدول الآسيوية الأخرى خلال القرن العشرين، وخاصةً في النهوض بقطاع التعليم، وتربط بين الخطط التعليمية بالأهداف الوطنية، فضلاً عن نجاح حكومتها خلال السنوات الأخيرة في الرفع من مؤشرات النمو، استناداً إلى رؤية ثاقبة تنظر إلى الإنسان باعتباره المحرك الأساسي لأي نهضة حضارية أو تنموية، ولهذا تمكنت من جني نتائج تلك السياسة على المديين القصير والمتوسط.
ونظراً إلى امتلاك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، النظرة نفسها، وإيمانه بدور الإنسان في عجلة التنمية، رأى سموه في التجربة الماليزية خير معبر عن تطلعاته في التطوير والبناء، مع ما يرتبط بها من ظروف اجتماعية ووعي فكري منفتح ومتسامح، ولعل ذلك ما عبر عنه سموه، عندما كتب في تغريدة له: أن «دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة على دعم مجالات التعاون مع ماليزيا، وتنويع مقوماته، في ظل ما يجمعهما من علاقات متينة وقيم ورؤى طموحة مشتركة، وتطلعات إلى تحقيق مزيد من التقدم والازدهار».
وبما أن التوازن في العلاقات بين البلدين ومستوى الاحترام المتبادل بينهما، يعتمد بدرجة كبيرة على مستوى الحضور الدولي والإقليمي، وعلى ما يمكن أن يقدمه كل منهما إلى الآخر، فإن العلاقة بين دولة الإمارات وماليزيا تحكمها منظومة قوية من الاحترام المتبادل للتجربتين، وهو ما يتجلى بحرص دولة الإمارات على الاستفادة من التجربة الناجحة لمملكة ماليزيا، يقابله كذلك حرص الأخيرة على الاستفادة من السمعة التي تمتلكها دولة الإمارات، بفضل تقديمها نموذجاً ناجحاً في التعايش السلمي والأخوة الإنسانية والتقدم نحو المستقبل بخطوات واثقة، ونهضتها الحضارية والتنموية الشاملة، ونهجها القائم على التسامح والتعايش وقبول الآخر، في ظل عالم يمور بالتناقضات الاجتماعية والنزاعات العقائدية.

 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.