شاع استخدام كلمة الاتصال الجماهيري في وسائل الإعلام خلال هذه المرحلة، بشكل لافت وموسع ومستهلك، وقد أصبح هذا التعبير مستهلكاً في وسائل الإعلام المختلفة.
وهذا المفهوم تتسع رقعته لتشمل مفهوم الاتصال بشكل واسع، والخلاف ليس على التواصل الاجتماعي الذي أصبح متاحاً وسريعاً وبات في متناول الجميع، لكنه حول الخوف على لغتنا العربية الأم، التي تعاني من ضيم بعض أهلها وما تتعرض له من تهميش وإقصاء بأيدي أبنائها، حيث نلاحظ مقدمي البرامج التلفزيونية وهم يكسرون اللغة ويبتلعون الحروف، ويلوكون الجمل بشكل منفر، مستخدمين مفردات وجملاً بعيدة عن بيئتنا الخليجية عبر الشاشات الصغيرة، وغير آبهين بقواعد اللغة وسلامة أساليبها.. بل نجدهم يخلطون المفردات الشعبية بلهجات ولغات تكاد تكون طلاسم تحتاج إلى ترجمة معانيها، لأنها تعابير مهجّنة ودخيلة علينا، فضلاً عن عدم الرقابة الصارمة في التصحيح اللغوي في وسائل الإعلام المختلفة، حيث أصبح التدقيق النحوي والإملائي هامشياً أو يكاد يكون معدوماً.
وكذلك الحال بالنسبة للمناهج الدراسية في التعليم الأساسي، إذ تبدو غير مكترثة باللغة العربية وقواعدها السليمة، حيث نلاحظ أن أبناءنا الطلبة من الجيل الجديد، غير ملمين بقواعد اللغة العربية وأساليبها السليمة، سواء في التحدث أو الكتابة أو الإملاء أو التعبير الإنشائي، فضلاً عن جهلهم بجماليات الخط العربي. وكثيراً ما كانت درجاتهم العلمية في اللغة العربية هي الأقل والأضعف، مما يسبب لديهم في بعض الأحيان كرهاً ونفوراً وعزوفاً وعدم ارتياح إزاء مادة اللغة العربية، رغم أهميتها للحفاظ على تاريخنا وتراثنا وهويتنا، ورغم كونها لغتهم الأم ولغة أهلهم وآبائهم وأجدادهم ورمز هويتهم الوطنية والثقافية والدينية.
وهنا أيضاً يأتي دور الإعلام، أي الإعلام الوطني في الدول العربية، والذي عليه أن يتحمل مسؤولية تجاه هذه الرسالة، وهي رسالة مهمة. فنحن في هذا العصر بأشد الحاجة إلى ترسيخ اللغة الفصحى، استعمالاً ونطقاً وكتابةً وتحدثاً وممارسةً ومخاطبةً.. بسبب كثرة الأخطاء اللغوية الشائعة عبر وسائل الإعلام. وهنا أيضاً يتحمل الإعلام مسؤولية في واجب تحسين اللغة المنطوقة والمقروءة والمكتوبة. إنها مسؤولية مناطة بالإعلام الجماهيري، كونه الإعلام الأكثر تأثيراً وحضوراً، ولأنه يلعب دوراً فاعلاً في حياة الناس وتوعيتهم وتثقيفهم وترسيخ المفردات في عقولهم، لأن محتوى الإعلام يحمل ويستعمل اللغة العربية عبر وسائله المكتوبة والمقروءة والمرئية والمنطوقة.
وقد بلغ الاهتمام بالإعلام مدى بعيداً عقب الثورة الاتصالية الحديثة. وهذا لا يعني أننا نهتم بالقشور ونتجاهل اللب والأصل، وهو المضمون في لغتنا العربية الأصيلة التي تعاني من التجاهل والأقصاء، بل «التعنيف»، على أيدي كثير من أبنائها.
ينبغي للعرب أن يقفوا وقفة وفاء وتقدير وإنصاف للغتهم القومية الأم، بعد أن ظلموها بعدم تقديرهم لها!

*كاتب سعودي