لا تزال المملكة العربية السعودية تجدد دهشتنا، بما تقدمه من خدمات رفيعة المستوى لحجاج بيت الله الحرام، إذ تسعى على الدوام لتقديم الخدمات الأمثل لهم كل عام، وقد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك كفاءة الحكومة السعودية الرشيدة، على توفير أرقى خدمات الضيافة والأمن والرخاء والاستقرار لضيوف الرحمن، لتكون نعم المعين لهم على أداء العبادات والقيام بمناسك العمرة والحج.
كما يقدم السعوديون جهوداً أقل ما توصف بأنها «مدعاة للفخر»، مسخرة الطاقات كافة للقيام بخدمة زوار البيت الحرام، أمثل خدمة، فيعمل على ذلك خلال أداء المناسك فقط، أكثر من 300 ألف موظف مباشر وغير مباشر في الخدمات الرئيسة والخدمات المساندة، كما يتم ضخ ألفي طن من ماء زمزم في الحرم المكي، و300 طن في الحرم النبوي بالمدينة المنورة بشكل يومي، وهذه أرقام جبارة جداً، لا تنم إلا عن الجهود المضاعفة المكرسة، لتقديم أعلى مستوى من الخدمات المجبولة بإخلاص عالٍ مبتغٍ لمرضاة الله تعالى، وهذه السجايا التي اعتدناها من أهل السعودية الأكارم.
وتستمر الحملة الرئاسية «خدمة الحاج والزائر وسام شرف لنا»، بإرادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في عامها السابع، ولا تنفك تجدد العزم والعطاء كل سنة خدمةً ورعايةً لحجيج البيت الحرام المقبلين بالأفئدة قبل الأجساد، فيأتي هذه المرة التنظيم بتوجيه سخي يبرز سمو ورفعة القيم الإنسانية السعودية، وعلو مبادئ التسامح والتراحم فوق أي اعتبار آخر، إذ تفتح وزارة الشؤون الإسلامية السعودية ذراعيها لاستضافة الحجاج من أنحاء العالم كافة، ضمن برنامج «ضيوف خادم الحرمين الشريفين»، تطبيقاً لمبدأ الابتعاد عن تسييس هذه الفريضة العظيمة، ولحرص المملكة الدائم على تقديم الرعاية والعناية لشؤون المسلمين ومصالحهم، إضافةً لإرادتها غير المنقطعة في تقوية الروابط الإنسانية والتضامن بين المسلمين المبني على رسالة الإسلام السمحة.
كما وجه خادم الحرمين الشريفين، باستضافة 1300حاج وحاجة من قارات العالم كافة، إضافةً لألف حاج وحاجة من ذوي شهداء فلسطين، ليصل عدد الحجاج من أسر شهداء فلسطين فقط إلى 17 ألف حاج وحاجة. كما وجه جلالته لاستضافة ألفي حاج وحاجة يمنيون، من ذوي شهداء الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المشاركين في عمليات «عاصفة الحزم وإعادة الأمل».
وقد مدت السعودية بأياديها الخيّرة لعدة دول أخرى، لاستضافة حجاج بيت الله الحرام، سعياً منها للعون بالتئام جروح ذوي الشهداء والجرحى، والدفع بهمتهم وإجلالاً لجهودهم، ووفاء لتضحياتهم، وتعزيزاً لموقفها الداعم للقضايا العادلة، والدعم المستمر للقضايا الخادمة للإسلام والمسلمين كافة، لتستضيف أيضاً 500 من الحجاج والحاجات من السودان، و200 من نيوزيلندا، هم بعض أسر وذوي ضحايا مذبحة العمل الإرهابي الواقع في «كرايس تشيرش».
وفي وقت الذي تسعى المملكة فيه لتقديم السبل كافة التي تعين الحجاج على أداء هذا الركن العظيم، وتبعاً لفطنة ودراية أولي الأمر منهم بمستلزمات وضرورات ذلك، عملت المملكة على تجريم رافعي الشعارات السياسية والمذهبية والدينية في الحرمين الشريفين ومحيطهما، في مكة المكرمة والمدينة المنورة. مؤكدةً أن الحج والعمرة وزيارة الأماكن المقدسة من العبادات والشعائر التي يتوق إليها جميع المسلمين من أصقاع الأرض، والتي لا بد من صونها بعيداً عن الاستغلال الفكري أو المذهبي، أو غيره.
وبذلك تقف المملكة بقوة أمام العثرات التي تستهدف هذا الحدث المقدس، من إلهاب حزازيات سياسية غير مبررة، أو استخدام الإعلام لتشويه الصورة النقية المشرقة للسعودية، أو اختلاق الأزمات والحزازيات، خدمةً لمصالح أغبى أن تأخذ من هذه الظرفية الزمانية والمكانية مكاناً لها، إذ إنها خلقت وتبقى لإقامة شعائر الله وبث قيم الترابط والتعارف والتراحم. وللمملكة كامل الاحترام والتقدير على ما تتخذ من قرارات في سبيل حماية الحجاج، والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من دورها في رعاية وخدمة الحرمين الشريفين.
*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة