لا أحد ينكر أهمية دور الشباب خاصة في دول الخليج العربية حيث تشكل هذه الفئة نحو 60% من السكان. ومع الاضطراب الذي تشهده منطقة الخليج العربي تزداد أهمية تفعيل دور الشباب وتوعيتهم سياسياً لمواجهة التحديات بمنطقتهم وربطهم بالتوجه الخليجي التنموي البعيد عن الاتجاه الثوري التعبوي، التي تحاول بعض القوى السياسية وجماعات الإسلام السياسي، زرعه في الشباب. وكون مواقع التواصل الاجتماعي باتت قناة مهمة ورئيسة للشباب فلابد من الاستثمار بها لتوعية الشباب الخليجي بالاتجاه السياسي والتنموي لبلاده.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة أيقنت أهمية دور الشباب في التنمية ولذلك عينت معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي، التي لا يزيد عمرها على 22 عاما، وزيرة دولة لشؤون الشباب. كذلك خصص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أحد مؤتمراته السنوية لتسليط الضوء على الشباب ودوره في عملية التنمية وأهمية توعيته سياسياً لمواجهة التحديات والمخاطر التي تعصف بالمنطقة.
فورقة د.سهام القبندي في المؤتمر أشارت إلى المؤسسات الأولية في تنمية الوعي السياسي للشباب وهي الأسرة والمدرسة، لكن الجامعة هي أهم مؤسسة لترسيخ ذلك الوعي. كما أكدت على الخطأ في أن يكون الدور العلمي والأكاديمي على حساب الدور السياسي للجامعة، فلا بد من الموازنة بينهما. إن خطر تفريغ العملية التعليمية من مضمونها السياسي يولد فراغاً سياسياً لدى الشباب، وبالتالي هذا قد يُستغل من أطراف عديدة.
وقد نوه «علي سبكار» في ورقته بالمؤتمر على أهمية الاستثمار في الإعلام الجديد، لأن أغلب الشباب يقضون أكثر من 6 ساعات يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن مكمن الخطر يتمثل في كون 60% من الشباب لا تتوافر لديهم استراتيجية ظهور في مواقع التواصل الاجتماعي أي أنهم يدخلون إلى تلك المواقع اعتباطياً. وبالتالي من المهم كي لا يُستغل الشباب يجب معرفة ميولهم ليتم استقطابهم لما فيه مصلحة عامة، ولذلك فإن دراسة «علي سبكار» كانت لاكتشاف أهداف الشباب الخليجي باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقد جاء الترفيه في المقدمة ومن ثم جاءت إدارة الأعمال في الدرجة الثانية وفي المرتبة الثالثة الشؤون السياسية. من خلال هذه الاهتمامات يمكن استقطاب الشباب من خلال إعداد محتوى تنموي سياسي. فمثلا يمكن استثمار رغبة الشباب في إدارة الأعمال بدعمهم لتوفير فرص تطويرهم في هذا المجال من خلال ما توفره مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب ترفيهي شيق.
وكون الشؤون السياسية جاءت في المرتبة الثالثة فمن الممكن قيام مشاريع مثل التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية بإنشاء مركز دبلوماسية المواطن. فهذا المركز فكرته أن «كل مواطن هو دبلوماسي» من واجبه الدفاع عن وطنه. فهو يدرب المواطنين من كافة المجالات وخاصة الشباب على التفاعل مع الشعوب الأخرى لإظهار الصورة الحقيقية لأميركا المختلفة عن ما يبث في الإعلام التقليدي من صورة مشوهة وأيضا ليتعرف الشباب الأميركي على ثقافات مختلفة لفهمها عن قرب، وليس كما تبث على شاشات التلفزيون. وهذا من خلال القيام بحملة إعلامية وطنية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. إن مركز كهذا، دول الخليج بأمس الحاجة إليه.
إن الأوضاع العصيبة التي تمر بها منطقة الخليج لا تتحمل ولو فئة بسيطة من الشباب الخليجي لا يكون لديها محدد لخياراتها وانتماءاتها، لذلك توعية الشباب سياسياً ضرورية. وكون الإعلام التقليدي لا يستقطب الشباب لا من ناحية المضمون ولا الأسلوب، فبالتالي لابد من الاستثمار في الإعلام الجديد ليسهم في تحقيق الانتماء والولاء والحفاظ على الاتجاه الخليجي التنموي البراغماتي المغاير للثورات والفوضى.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي