يحل عيد أضحى جديد على بلادنا والمنطقة والعالم الإسلامي. وبهذه المناسبة نهنئ قيادة وشعب الإمارات وعموم العرب والمسلمين. وبخاصة أن مناسبة الحج تجمع الأطياف البشرية من كافة الجنسيات والثقافات، وتبرز أهمية ترسيخ فضاءات التسامح والتعايش والتنوع الإيجابي الذي يغني المجتمعات، ويوفر فرصاً لزيادة الإنتاجية والابتكار، وهي القيم الإيجابية التي تحرص الإمارات على أن تكون السباقة في ممارستها وتجذيرها في مجتمعها بكافة مكوناته.
وفي كل عام نطل في الأعياد على ما تحقق في بلادنا، وذلك يدفعنا إلى التحلي بالعزيمة والإصرار على بذل المزيد من الجهود. كما نشعر بالفخر عند إحصاء المكاسب والإنجازات، ونعرف أننا في دولة الإمارات نمضي على الطريق الصحيح، في ظل قيادتنا الحكيمة، وفي ظل التلاحم وتعزيز قوة اتحادنا، وثقتنا بخيارات قيادة الدولة وحرصها على بناء مستقبل مزدهر تسوده الاستدامة والنهضة الاقتصادية لأجيالنا القادمة.
وفي هذا الإطار نرى أن منبع الحكمة وأساسها في أي بلد، يتمثل في الوعي بطبيعة أولويات كل شعب. ونحن في الإمارات نثق بإدراك القيادة لأولويات الوطن ولمصلحة المواطن الإماراتي. وهذا النهج يوجه سياسة الإمارات ويحدد مواقفها منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي أرسى في فكر الإمارات الاتحادي النهج التنموي، القائم على توظيف سياسات الدولة وجميع إمكانياتها المادية والمعنوية، لما يعزز ويخدم رفاهية الشعب واستقراره ورسوخ أمنه. وذلك يعني تكريس الجهود والطاقات لتعزيز الاقتصاد الإماراتي ورفاهية المواطنين.
كما يأتي عيد الأضحى هذا العام، ودولة الإمارات تحافظ على تصدّرها دولَ الإقليم والمنطقة، في مؤشرات عالمية متنوعة، لم يكن من السهل الوصول إليها بالنظر إلى حجم الأزمات الإقليمية والعالمية التي أجبرت قوى كبرى على التقشف وعدم الوفاء بالتزامات مالية دولية، إضافة إلى الانكماش والتراجع واتخاذ سياسات حمائية. بينما تلتزم الإمارات بواجباتها المحلية والإقليمية والعالمية، وتستمر في ضخ المساعدات الإنسانية في أكثر من مكان على الخريطة، بما في ذلك التزاماتها بتقديم المساعدات وتغطية الاحتياجات الأساسية للسكان في عدد كبير من محافظات ومناطق اليمن، في إطار مواجهة تداعيات الانقلاب على الحكومة الشرعية اليمنية واستهداف وتعطيل عمل مؤسساتها الحكومية والأهلية الخدمية من قبل الانقلابيين.
وكمثال على استمرار تدفق خير الإمارات إلى محيطها العربي، وفي إطار وفاء الدولة ومبادراتها المعهودة لمساعدة الفلسطينيين عبر وكالة «الأونروا»، تم الإعلان مؤخراً عن تقديم الإمارات منحة بقيمة 50 مليون دولار أميركي مخصصة لدعم مشاريع الوكالة، الصحية، لصالح اللاجئين الفلسطينيين، إضافة لتخصيص جزء من المساعدة المذكورة لتنفيذ البرامج التعليمية للطلاب والطالبات الفلسطينيين لضمان التحاقهم بالتعليم، وتمكين الوكالة من الاستمرار في أداء واجبها الإنساني لخدمة أكثر من خمسة ملايين فلسطيني. وجاءت المساعدة الإماراتية لتشكل عملية إنقاذ مالي للوكالة بعد أن تعرضت لتجفيف مواردها بسبب امتناع الولايات المتحدة عن تقديم حصتها المالية من التمويل.
إن الأعياد والمناسبات الدينية ذات المشترك الروحي مع العالم الإسلامي، تعيد تذكيرنا أيضاً بأوضاع المنطقة والأزمات التي تحاصرها، بالتزامن مع حالة استرخاء أو تجاهل دولي وأممي، تعمل على إطالة أمد أزمات المنطقة. وتترافق مع ذلك حملات إعلامية صفراء، تستهدف الجهود الإيجابية للإمارات الساعية لإنهاء بؤر التطرف والإرهاب والتخريب. وكنا نلاحظ توظيف البعض للأموال والإعلام والتحالفات بهدف ضرب الأمن القومي للخليج والمنطقة العربية، وكان هناك مَن يرى في هذا مبالغةً، إلى أن أثبت الزمن أن ثمة من ينخر في أمن المنطقة من داخلها.
وكلّما تعرضت الإمارات لحملات إعلامية رخيصة، نتأكد أن مواقف وسياسة بلادنا توجعهم، بدليل أنهم يجعلون من هذه السياسة وتلك المواقف محوراً لبرامجهم ومحطاتهم الفضائية وصحفهم ومواقعهم المستأجرة. وإلى أن نلتقي في زاوية الأسبوع المقبل، كل عام والقراء بخير.

*كاتب إماراتي