تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة، منهجاً دقيقاً في إدخال السلع والمنتجات إلى أراضيها، حيث يمتد عمر الجمارك في الدولة إلى أكثر من مئة عام، مرت خلالها بمراحل عدّة، إلى أن دخلت مسارها المؤسسي، في عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وفي النصف الأول من عام 2002، وافق مجلس الوزراء على تكليف وزارة المالية والصناعة، في حينه، بالتعاقد مع أحد المكاتب العالمية لإعداد دارسة استشارية خاصة بإنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك، وتفويض وزارة المالية بمتابعة تنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة لذلك، إلى أن وصلت التطورات الآن إلى إقرار خدمات إلكترونية تعنى بالقضايا الجمركية، بتقدم ودقة بالغين.
وانطلاقاً من اهتمام دولة الإمارات بتطوير أنظمتها الجمركية، وبما يراعي التطورات الجارية في هذا المجال، ويحسّن من مرونة هذه الأنظمة وسلاستها، باشرت الهيئة الاتحادية للجمارك، بالتعاون مع دوائر الجمارك المحلية، الإجراءات التنفيذية لتوحيد الأنظمة الجمركية، واعتماد نظام إلكتروني جمركي موحد في إدارات الجمارك المحلية والمنافذ الحدودية كافة، دعماً للمنظومة الأمنية، وتيسيراً للتجارة، وتبسيطاً لإجراءات التخليص وسرعة تبادل البيانات والمعلومات، وبما يحقق إدارة المخاطر والرقابة الجمركية وتخليص المعاملات الجمركية وتسهيل انسيابية السلع بأدوات أكثر فاعلية.
ويعد توحيد الأنظمة الجمركية في دولة الإمارات أحد أبرز المتطلبات الأمنية والجمركية الأساسية للخطة الاستراتيجية الجمركية في الدولة، حيث قال مفوض الجمارك رئيس الهيئة الاتحادية للجمارك، علي سعيد مطر النيادي، في بيان: إن «تطبيق نظام إلكتروني جمركي موحد على مستوى الدولة، يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية الإمارات 2021، في محورين من محاورها الأساسية، هما: إرساء قواعد وسياسات المجتمع الآمن، وبناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة»، مشيراً إلى أن هذا النظام من شأنه تعزيز المنظومة الأمنية الجمركية لضمان استدامة أمن المجتمع، وتطوير العمل الجمركي لتسهيل التجارة وحركة المسافرين، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي الخليجي، عبر دعم آلية التحويل الآلي المباشر للرسوم الجمركية بين دول المجلس، التي تم تطبيقها بمبادرة إماراتية في نوفمبر عام 2015.
وتلافياً للتباين في إمكانيات وقدرات الأنظمة المطبقة في دوائر الجمارك المحلية، قامت الهيئة الاتحادية للجمارك بإعداد دراسة تفصيلية للأنظمة الجمركية المطبقة في الدولة، ما دفعها إلى تبني النظام الموحد الذي يتم من خلاله تجاوز تلك التباينات، وخاصة فيما يتعلق بإدارة المخاطر والحسابات والتخليص والإيرادات ومستوى التعاون في تبادل المعلومات والبيانات والسياسات والقوانين، حيث سيتم الانتهاء من تطبيق النظام الجمركي الإلكتروني الموحد في كل الدوائر المحلية، وفقاً للبرنامج الزمني المقترح بعد نحو عامين. لقد بذلت دولة الإمارات العديد من الجهود اللازمة لتطوير العمل الجمركي على حدودها، فقد عملت على إقرار سياسات وقوانين وتشريعات جمركية تتسم بالمرونة والكفاءة، وتواكب التغيرات الجارية على هذا الصعيد عالمياً، الأمر الذي أوصلها إلى تبوؤ المركز الأول عالمياً في مؤشر فعالية هيئات الجمارك، وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2017، الذي يقيس الإجراءات الميسرة والتسهيلات التي تقدمها هيئات الجمارك في 63 دولة حول العالم في مجال نقل البضائع من الدولة وإليها.
إن توحيد الأنظمة الجمركية في الدولة جاء كمحفّز مهم للتكامل بين الدوائر الجمركية المحلية، وفق أفضل المعايير العالمية التي تعود بالنفع على جميع الجهات المتعاملة مع هذه الأنظمة، كدوائر الجمارك والتجار والمستوردين والمصدرين ووكالات الشحن، وتعزز من منظومة تفتيش ومعاينة الشحنات الواردة والصادرة، وتكافح التهريب والتجارة غير المشروعة للسلع والبضائع، الأمر الذي استدعى ضرورة تطوير دور قطاع الجمارك في حفظ الأمن، وتيسير التجارة إقليمياً وعالمياً، وفق أحدث التقنيات والأنظمة والشبكات التي تعزز من منظومة إدارة المخاطر الجمركية ومواجهة التحديات المتعلقة بالأمن والتجارة معاً، ويحافظ على مكانة الدولة المحورية في منظومة التجارة العالمية، باعتبارها مركزاً إقليمياً وتجارياً يربط بين الشرق والغرب.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية