د. ذِكرُ الرحمن
د. ذِكرُ الرحمن*

الهند موطن نحو 70% من نمور العالم. وزيادة أعداد ما لديها من نمور يؤثر على المسعى العالمي لمنع انقراض هذا النوع الحيواني.

د. ذِكرُ الرحمن*

في بلد ينمو فيه عدد السكان باستمرار ووصل إلى 1.3 مليار نسمة، يتزايد الضغط على موارد الأرض. لكن هناك أنباء جيدة، فقد أعلنت الهند أن عدد النمور من النوع المسمى «ببر» زاد بمقدار الثلث في أربع سنوات ليصل عددها إلى 2967 وفقاً لأحدث إحصاء. وربما يكون المسح هو الأكبر، فقد غطى 381400 كيلومتر مربع من الغابات التي تقطنها النمور وتضمن كاميرات في 26838 موقعاً، كما قامت فيه سلطات الغابات بالمسح بالانتقال سيراً وبالقوارب عبر مساحة امتدت 522996 كيلومتراً كما استخدمت تصوير الأقمار الاصطناعية عبر 50 محمية للنمور على امتداد البلاد.
ويجري إحصاء النمور كل أربع سنوات، والأنباء جيدة على مدار السنوات الماضية رغم أن الضغط من أجل التنمية أحياناً يطغى على المكاسب البيئية. لكن من الواضح أن الهند تقوم بشيء صائب، في محافظتها على النمور. فقد ارتفعت أعدادها من 1709 عام 2010 إلى 2226 عام 2014. لكن الأعداد تكشف عن نتائج مختلطة. فقد تفوقت بعض الولايات الهندية في الأداء على غيرها. فقد سجلت ولاية «مادهيا براديش» في وسط البلاد زيادة في أعداد النمور من 300 نمر عام 2006 إلى 526 نمراً عام 2018 وارتفع أيضاً عدد النمور في ولاية كارناتاكا في جنوب البلاد من 290 نمراً عام 2006 إلى 524 نمراً عام 2018. لكن ولاية أوديشا في شرق البلاد تناقص فيها عدد النمور 19 نمراً منذ عام 2006.
وما يحدث للنمور في الهند حيوي لأن البلاد موطن لنحو 70% من كل نمور العالم التي يبلغ عددها نحو 4000 نمر. ومن ثم، فما يحدث من زيادة في أعداد نمور الهند يؤثر على المسعى العالمي لمنع انقراض هذا النوع الحيواني. والنمور الموجودة في الهند هي من النوع البنغالي الموجود في بلدان مثل بنجلادش ونيبال وبوتان والصين وميانمار.
ونجاح الهند لا يعني الفوز في معركة الحفاظ على النمور. فالحكومة تحاول اكتشاف السبب الذي لم يمكن ولايات مثل أوديشا من تحقيق نتائج جيدة. وهناك تحديات كثيرة مازالت تواجه النمور. والعمل لم يكتمل في ما يتعلق بعملية المحافظة. وضغط التنمية سيتزايد فحسب. وهناك بالفعل طرق وأعمدة تيار كهربائي وخطوط سكك حديد تقطع محميات النمور مما يضغط على مواطن سكناها. وعلى الجانب الآخر تواجه النمور مخاطر الصيد الجائر والقتل في حالة المواجهة بينها وبين الإنسان.
صحيح أن الأعداد تتزايد، لكن التهديدات أيضاً تتزايد خاصة حين يتعلق الأمر بالصراع بين البشر والحيوانات. وعلى سبيل المثال، قُتل في ولاية مهاراشترا 15 نمراً بما في ذلك قتل نمرة وصغيريها بالسم على يد أحد سكان القرى. فقد اشتشاط مزارع غضباً من أن الكلاب قتلت عجله ولذا سكب المبيدات الحشرية على جثث كلاب أكلتها في نهاية المطاف النمرة الجائعة وصغيراها. والأسبوع الماضي، لقيت نمرة حتفها ضرباً على يد سكان قرية تتاخم محمية نمور في ولاية أوتار براديش، أكثر ولايات الهند سكانا. وهناك 173 نمرة في هذه الولاية وفقاً لأحدث إحصاء. وأظهر مقطع مصور انتشر على نطاق واسع على الإنترنت عدداً كبيراً من سكان القرية يقتلون ضرباً نمرة جرحت بعض الأشخاص في القرية.
وهناك أمثلة كثيرة توضح مدى احتمال إضرار التنمية بمحميات النمور. فقد أثار مقترح لوزارة الطاقة الذرية الهندية عن بدء البحث عن اليورانيوم داخل محمية للنمور في جنوب الهند القلق وسط المحليين والمدافعين عن حماية البيئة. وهؤلاء يرون أن العملية ستشيع الاضطراب في واحدة من أكبر مواطن النمور في البلاد ومن المحتمل أن تلوث البيئة. ومحمية عمروأباد للنمور في ولاية تيلانغانا -وهي أحدث ولايات الهند التي ظهرت إلى الوجود عام 2014- وهي واحدة من أكبر محميات الهند للنمور وتمتد على أكثر من 2800 كيلومتر مربع في الولاية. والمحمية بها ما يقدر بنحو 23 نمراً وهي غنية بالتنوع الحيواني والنباتي ويقطنها أيضاً أنواع أخرى مثل النمر المرقط والذئب الهندي والكلاب البرية وابن آوى والأيل المرقط. لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي حاولت فيها وزارة الطاقة الذرية البحث عن يورانيوم في هذه الغابات. فقد سعت الوزارة إلى الحصول على تصريح في وقت سابق لكن المعارضة المحلية، وعوامل أخرى، بما في ذلك إضراب من سكان القرى عن الطعام، دفعت حكومة الولاية إلى تجميد الخطط عام 2016.
وهذه المرة أيضاً، بدأت المعارضة تتصاعد وسط رجال القبائل في قبيلتي تسينشو ولامبدا اللتين تنتشران في أكثر من 20 قرية وسط محمية النمور. وفي كثير من المحميات، سُمح ببقاء المساكن أو القرى التي كانت موجودة منذ قرون كما هي داخل المحميات. ومن الواضح أن حماية النمور لا يمكن أن تتم عبر نهج متردد. وما يتعين على الحكومة القيام به بوضوح هو أن تضمن أن تبقى هذه المحميات كي تحافظ على النمور.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية في نيودلهي