ألمانيا على شفا الوقوع في ركود. وهذا لا يحدث بسبب أي مشكلات هيكلية بل إن حروب الرئيس دونالد ترامب التجارية هي المسؤول الأساسي. لكن جماعة الضغط الصناعية الألمانية القوية تشكك علناً الآن في جدوى التزام الحكومة بسياسة موازنة بلا عجز.
فقد انخفض الناتج بنسبة 0.1% في الربع الثاني مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة، والسبب يعود لانخفاض في الإنتاج الصناعي والإنشاءات. لكن قوة الإنفاق الحكومي والطلب المحلي في الربع الأول، عوضا معظم هذا التقلص.
ولم يشعر الألمان بكثير من الضغط نتيجة الطلب الضعيف على البضائع التي تصدرها البلاد، خاصة السيارات والآلات. وهذا لأن البطالة انخفضت إلى مستوى قياسي بلغ 3.1% في نهاية يونيو الماضي، مدعومة بقطاع خدمات وطلب محلي قويين. لكن مع احتمال وقوع المزيد من الصدمات التجارية، خاصة أن ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية، يتزايد الضغط على الحكومة الألمانية لتبذل المزيد كي تدعم الاقتصاد. ودعا حزب «الخضر» والجناح «اليساري» في الحزب «الديمقراطي الاشتراكي» إلى المزيد من الإنفاق الحكومي لتمويل تحول أسرع في الطاقة الخضراء، وتحسين البنية التحتية. لكن الأهم أن اتحاد الصناعات الألمانية، وهو جماعة الضغط الصناعية القوية في البلاد، حث على إعادة فحص مبدأ موازنة بلا عجز.
وفي مقال رأي نُشر في صحيفة «هانلدزبلات» اليومية الاقتصادية يوم الأربعاء الماضي، دعا «يواكيم لانج»، رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، إلى ضخ حوافز استثمارية للابتكار، وتمويل حكومي للذكاء الاصطناعي وبنية تحتية رقمية أقوى. وكتب «لانج» يقول «على خلاف كابح الديون الذي يحميه الدستور، ينبغي إعادة النظر في مبدأ موازنة بلا عجز نظراً للوضع الهش».
والواقع أن دستور ألمانيا يقيد العجز الهيكلي في الموازنة بنسبة 0.35%، من الناتج الاقتصادي، ولا يسمح بعجز أكبر إلا أثناء حالة ركود إذا كان سيجري تسديده حين يتعافى النمو مجدداً. لكن تكلفة الإقراض بسعر فائدة سالب في ألمانيا يجعل تقليص الإنفاق الحكومي غير منطقي لدى عدد يتزايد من السياسيين.
ودافعت ميركل وخليفتها المختارة وزيرة الدفاع «انجريت كرامب-كارينباور»، وأيضاً وزير المالية «أولاف شولتز» في الآونة الأخيرة عن سياسة مالية بلا عجز في الموازنة. وجادلوا أن الفائض الحالي في الميزانية، يوفر ما يكفي من المرونة للإنفاق الإضافي عند اللزوم.
*كاتب روسي مقيم في ألمانيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»