دومينيك كامينجز هو العقل المدبر لحملة الاستفتاء حول الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016. وكامينجز، رغم أنه غير منتخب ودون مقعد في مجلس الوزراء، لكنه أهم مستشاري رئيس الوزراء بوريس جونسون. وهو بارع في جماعات الدراسات والإعلانات الرقمية الاستهدافية. وسيلعب دوراً حيوياً في أي انتخابات مبكرة، أو استفتاء ثانٍ على بريكست.
واجتماع جونسون وكامينجز قد يكون، إلى حد كبير، مسألة تبادل منفعة قصير الأمد. فجونسون يريد يداً خبيرة لتنفيذ تعهده الصارم، بخروج بريطاني، بحلول 31 أكتوبر والفوز بالانتخابات. لكن العلاقة قد تمتد لما بعد بريكست. ويرى كامينجز في بريكست وسيلة لغاية أكبر. إنه يريد إصلاحاً شاملاً لآلية الحكومة. وربما بدأ هذا قبل فترة طويلة، لكنه يرى أن مارجريت تاتشر التي تعد رمزاً لليمين البريطاني، لم تمض في الإصلاح بالقوة المطلوبة. فقد امتنعت عن إصلاح الخدمة المدنية التي يرى كامينجز أن عدم كفاءتها يدفع إلى الذهول. وهو يريد أن يبدأ العمل الذي بدأه مع حملة التصويت تأييداً لبريكست، باستخدام رؤى من عالم الكمبيوتر والفيزياء والحرب والرياضة. وإذا استمر كامينجز بعد بريكست فسيتعين عليه أن يثبت أن أفكاره ليست رؤية يوتوبية.
لكن المفارقة أن حالة الاضطراب السياسي التي سببها بريكست ربما فتحت الباب على التغيير، لكن الفوضى الناتجة عن بريكست بلا صفقة قد تجعل الإصلاحات نفسها التي يسعى إليها مستحيلة التنفيذ. وقد أشار كامينجز، في واحدة من تدويناته المطولة الكثيرة، إلى أنه ليس «ليبرالياً من المحافظين أو شعبوياً أو أي شيء آخر». وهذا يفسر احتقاره العميق للجماعة «المضللة نرجسياً» من دعاة بريكست المتشددين في الحزب. فمغادرة التكتل بالنسبة لهم تمثل ضرورة أيديولوجية وعلامة على الولاء القبلي، لكنه ليس من هذه القبيلة ولا من أي قبيلة أخرى. وكان قد انخرط في سجال على تويتر عام 2017، وصل حد الإشارة إلى احتمال أن الاستفتاء كان خطأ.
ومعظم المستشارين السياسيين يعملون في الظل، لكن كامينجز مثل موضوعاً لوابل لا ينتهي من العرض لشخصيته التي تستثير التنقيب. وكتاباته واسعة النطاق تنقلنا في رحلة مذهلة عن المبدعين والشخصيات التاريخية والرياضية والعلماء الذين غذوا أفكاره. وفلسفته السياسية تدمج أفكار الزعيم البروسي أوتو فون بسمارك، وعالم الكمبيوتر المتميز بريت فيكتور، وعالم الفيزياء والكمبيوتر مايكل نيسلون، والشاعر الكبير تي. إس. إيليوت، وغيرهم كثيرون. ويرى كامينجز أن المؤسسات الحيوية، بما في ذلك مؤسسات الخدمات المدنية والأحزاب، مصممة كي تظل مختلة وظيفياً وهي تكافح، كي تبقى مغلقة، وتتجنب تعلم الأداء العالي، وتقاتل لإقصاء الأشخاص الأكثر كفاءة.
وكتابات كامينجز تكشف عن آراء قوية بشأن إصلاح التعليم، حيث انتقد صناع السياسة لتقليلهم بسهولة من دور الجينات في الإنجاز، وفي الهجرة حيث لا يؤيد استقطاب مهاجرين منخفضي الكفاءات، والدعم الأوروبي للمزارعين الذي يجده عبثياً رغم استفادة المزرعة التي يمتلكها من هذا. ولا نعلم، على وجه التحديد، السياسة المالية التي يرى أنها صحيحة في بيئة تقف على حافة الركود ذات سعر فائدة شديد الانخفاض. ولم يخبرنا بالكثير حول ما إذا كانت لوائح أميركية الطراز ضرورية لاتفاق تجارة بديل عن القواعد أوروبية الطراز.
والواقع أن تفاصيل السياسة أقل أهمية لدى كامينجز من مشكلات التصميم، أي مشكلات هندسة اتخاذ القرارات الفاعلة في الحكومة. وهو معجب للغاية بدورة المراقبة والتوجيه والتصميم والعمل التي وضعها الطيار والمفكر الاستراتيجي العسكري الراحل جون بويد، وهذه الدورة التي تمكن الممارس من التقدم بخطوة على الخصوم وتلقي معلومات جديد واستخدامها. ودورة المراقبة والتوجيه والتصميم والعمل تتطلب وعياً واضحاً بنقاط جهل المرء، وهو شيء يفتقر إليه كامينجز أحياناً.
وبعد تعرضه للاحتقار في البرلمان في وقت سابق هذا العام، فإنه عازم فيما يبدو على تقويض المشرعين المنتخبين بإقناع رئيسه بتجاهل الالتزام الدستوري في السعي من أجل بريكست بلا صفقة. لكنه ليس من النوع الذي يضحي بقائمة أولوياته على مذبح المشوار المهني. ويمكننا القول إنه مادام كامينجز باقياً فخطة جونسون هي خطة كامينجز. وخصومه في اليسار يرون فيه شخصاً يشعر بأهمية ذاتية مبالغ فيها وصورة كاريكاتورية لعبقري مجنون، وليس شخصاً حقيقياً. ووصفه النائب العام السابق والمشرع المناهض لبريكست، دومينك جريف، بأنه متعجرف ولا يفهم الدستور البريطاني، لكن كامينجز نفسه رد بالقول: «سنرى ما هو مصيب فيه».

*صحفية متخصصة في شؤون السياسة الأوروبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»